وإيما قضينا بأن الأخيرة علامة التأنيث لأنا لو جعلناها الأولى لأوقعنا علامة التأنيث حشوًا، ولم تقع حشوًا قط، وكان ذلك نقضًا للأصول، ولأن المد إنما يحصل بلفظ الألف لا الهمزة.
والجمع الذي بعد ألفه حرفان أو ثلاثة أوسطها ساكن كمساجد ومصابيح ومفاتيح، هذا الجمع يمتنع من الصرف معرفة ونكرة، لأنه في التنكير جمع خارج عن مثال الآحاد، ممتنع من التكسير، ففارق الجموع المشابهة للآحاد التي يصح جمعها مرة أخرى، فكأن الجمعية متكررة فيه، وبخروجه عن أمثلة الآحاد أشبه الأسماء الأعجمية الفروع فامتنع من الصرف.
وفي الجموع جموع خارجة عن أمثلة الآحاد وهي مصروفة كأصحاب وأكلب وإنما صرفت هذه لأنها قد أجرى عليها أحكام (?) من أحكام المفردات.
فمنها أنها تجمع، كما أن المفردات تجمع فنقول في أكلب أكالب وفي أصحاب أصاحيب، ومنها أنها تصغر على ألفاظها فتقول: أكيلب وأصيحاب، ومع ذلك فهي قريبة في الصيغة من صيغ المفردات، فأصحاب قريب من إصحاب بكسر الهمزة وهو مفرد، وأكلب وبابه قريب من أفعل نحو أفكل وبابه، فصرفت لأن الصرف الأصل.
فإن سميت بمساجد ومنابر شيئًا امتنع أيضًا من الصرف، لأن التعريف طرأ عليه وصيغته التي هي علته المانعته من الصرف موجودة فيه بحالها، فإن لم يزده التعريف ثقلاً فليس يكسبه خفة، فإن كان معنى الجمعية قد زال، فاللفظ كما علمت باق.
وبالجملة، فكل اسم مما لا ينصرف لم تكن إحدى علتيه المانعتيه الصرف التعريف لم ينصرف معرفة ولا نكرة.