أعني كلا وكلتا، أسمان مفردان مقصوران، فالأصل أن تكون ألفاهما مع إضافتهما ثابتة غير متغيرة، إلى ظاهر أضيفتا أو إلى مضمر، كما أن ألف رحى وحبلى كذلك، إذا قلت: رحى زيد ورحاه وبرحاه، ورأيت رحاه، وحبلى عمرو، وهذه حبلاه ورأيت حبلاه ومررت بحبلاه، إلا أنهم لما لزمت هاتين الكلمتين الإضافة أجروا الفيهما مجرى ألفات الحروف وفرقوا بذلك بينهما وبين الأسماء المتمكنة من المقصور، فأثبتوا ألفيهما في الإضافة إلى الظاهر ولم يغيروهما، فقالوا: جاءني كلا أخويك ورأيت كلا أخويك ومررت بكلا أخويك، وجاءني كلتا أختيك ورأيت كلتا أختيك ومررت بكلتا أختيك كما تقول: على زيد والى عمرو، فتقر ألف على والى على لفظهما مع الظاهر.
فإن أصفت كلا وكلتا إلى مضمر أقررت ألفيهما في الرفع على لفظيهما وقلبتهما في الجر والنصب ياء فقلت: جاءني أخواك كلاهما ورأيت أخويك كليهما، ومررت بأخويك كليهما، وكذلك التمثيل في المؤنث، وهذا كما تقول عليهما وإليهما ولديهما.
وإنما شبهت كلا وكلتا بعلى والى، فجرى عليهما حكمهما، لأن الإضافة تلزم هاتين أعني كلا وكلتا، كما أن "على" و "إلى" تلزمان أسمًا تدخلان عليه ولا تنفردان بأنفسهما، فقلبت ألفاهما مع الضمير كما قلبت ألفًا الحرفين- أعني على وإلى-.
وخص هذا القلب بالجر والنصب (?) دون الرفع لأن على وإلى لاحظ لهما في الرفع، فلم يكن لهما في الرفع حال فتحمل عليها حال كلا وكلتا في الرفع، فتغيرا لذاك، فبقيت ألفهما (?) على أصل ما ينبغي أن تكون عليه، فلم تغير.