لأن الشركة قد تقع في الاسم المظهر؛ بل القليل من المظهرات هو غير ذي الشركة؛ فكان السامع ربما توهمه زيداً غير الأول؛ ولهذا احتجت إلى وصفه إذا قلت: مررت بزيدٍ العاقل لإزالة شركةٍ واقعةٍ فيه وقوعها في النكرات، وإن اختلفت جهتا الشركة في قولك: زيدٌ، وقولك: رجلٌ.
ويتبين لك قبح التكرار وخوف اللبس في إعادة الظاهر في احتياجك إلى ذكر الظاهر أكثر من مرة إذا قلت: زيدٌ مررت به، فأكرمته ورأيت أباه فأحسنت إليه؛ وعلى هذا النهج من الإطالة إذا احتيج إليها، فوقع التكرار.
فول قلت في هذه المسألة وهذا المثال: زيدٌ مررت بزيدٍ، فأكرمت زيداً ورأيت أبا زيدٍ فأحسنت إلى أبي زيدٍ لوقع لبس عند السامع لإخفائه، ولسمج التكرار وبان أن الإضمار أخصر وأبلغ.
فأما ما جاء من مثل قوله تعالى {الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} (?) [الحاقة: 1 - 3] و {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} (?) [القارعة: 1 - 3] وما أشبه هذا مما كرر فيه الظاهر، وهو لعينٍ واحدة، ولم يضمر على المعهود من استعمالهم، فله حكمٌ زائدٌ انفرد به هو التعظيم والتفخيم في تكرير الاسم بلفظه لا عائده، ولو كان مستعملاً بالعائد لما منعته اللغة، ولكن هذا أبلغ في التفخيم، أعني إعادة مثل هذا بلفظه الأول؛ إلى غير ذلك من فوائد في هذا الاستعمال لا تكون في غيره وإن كان جائزاً لا يحتمل هذا المختصر ذكرها.