وقال الآخر في لعلمّا:
(أعد نظراً يا عبد قيسٍ لعلما ... أضاءت لك النار الحمار المقيدا)
وفي "ليتما" بيت النابغة حين أنشدوه بالرفع على أن "ما" فيه كافة معتد بها لمنعها العامل عن عمله؛ والنصب على الوجهين:
(قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد)
والوجهان هما رفع الحمام ونصبه، فالرفع على أن "ما" فيه كافةٌ معتدٌ بها لمنعها العامل عمله، والنصب على أنها زائدة مؤكدةٌ ما دخلت عليه، مكثرةٌ لفظه، ملغاةٌ، خولها كخروجها.
وفائدة هذا الكف قد عللوه، فقالوا في "إن"، إذا قلت إنما زيدٌ قائمٌ، معنى الكلام: ما زيدٌ إلا قائمٌ، وحرروا العبارة، فقالوا في "إنما": هي لإثبات الشيء للشيء ونفي ما عداه.
وقد كف بـ"ما" هذه الفعل وحرف الجر، وهما عاملان قويان دخلت عليهما "ما" فأبطلت عملهما وهيأتهما لوقوع شيء بعدهما، لولاها (?) لم يكن ليقع، فخرجا بها عن أصل وضعهما في كونهما عاملين وصلحا بها لما لم يصلحا له قبلها.
فأما الفعل فقولك قل وكثر، تدخل عليهما "ما" كافة، فيبطل عملهما حتى لا يحتاجا إلى فاعل ويقع بعدهما الفعل وكان لا يقع، تقول: قلما يقول زيدٌ كذا.
ويحمل على هذا الفعل نقيضه وهو "كثر"، فيقال: كثر ما يقولن (?) كذا.