(فحورٍ قد لهوت بهن عينٍ ... نواعم في المروط وفي الرباط) والفاء لا يُشك في أنها لا تجر.
ومن ذلك "بل" في قول الآخر:
(بل بلدٍ أطرافه في أبلاد) (?)
فـ"رب" بعد هذين الحرفين مضمرةٌ لا محالة، وهما حرفا عطفٍ، وكذلك هي مضمرة بعد الواو؛ فإن قلت: فنراها تقع كثيراً في أوائل القصائد، وحيث لا كلام قبلها، فتعطف عليه، فعلى أي شيء عُطفت الواو والفاء وبل لرب المقدرة بعدها، وما انجر بها؟ فالجواب أن الشاعر يبتدئ بالواو مثلاً مقدراً العطف بها على شيء منويٍ مقدر يكون كالمنطوق به، كما يبتدئ بـ"الفاء" وكذا بـ"بل" مقدراً الإضراب عن شيء مقدر منوىٍ به التقديم؛ وحقيقة ذلك الشيء أنه سوى ما أخذ فيه.
وشبيه بهذا قولهم في أثناء القصائد حين يخرجون من نسيب إلى غيره، أو من نعت إلى نعت، فدع ذا، وفعد عما ترى، قال:
(فدع ذا ولكن هتعين متيماً ... ......................... ) (?)
يريد هل تعين، فأدغم، وقال النابغة:
(فعد عما ترى إذ لا ارتجاع له ... وانم القتود على عيرانةٍ أجد) (?)