فكل ما ينصب بعده الفعل – خلا المذكورة (?) مع "أن" من أخواتها – فبأن هذه المضمرة يُنصب، غير أن منها ما يجوز إظهار "أن" معه ومنها ما يلزمها (?) معه الإضمار فمما يلزمها إضمارها معه كـ "حتى" لام الجحد في قولك: ما كان زيد ليفعل كذا، اللام فيه هي اللام في قولك: جئتك لتكرمني، وكلاهما لام الجر، إلا أن المستعملة في الإيجاب لك إظهار "أن" معها والمستعملة في الجحود يلزمها الإضمار لطول الكلام مع العلم كل العلم بأنها الجارة و "أن" بعدها مقدرةٌ، فهي العاملة دونها، والكلام إذا طال لزم فيه من الحذف ما لا يلزم غيره؛ على أنهم قد عللوا بغير هذا.
ومثال إظهارها في الواجب: جئت لتكرمني، إن شئت قلت: لأن تكرمني؛ وقد يعترض الكلام نفيٌ فيلزم إظهارها مع اللام، ولولا ذلك النفي كنت مخيراً في إضمارها وإظهارها على ما مثلناه، وذلك في مثل قوله تعالى {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29] (?) ولو أضمرت "أن" ها هنا لم يجز، لأن إضمارها يؤدي إلى مباشرة حرف الجر حرف النفي، وذلك غير جائز.
ومن ذلك واو الجمع (?) في مثل قولك: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، يلزم مع هذه الواو إضمار "أن" وهي الناصبة للفعل لا محالة، لا الواو، ولا يجوز إظهارها مراعاة للمشاكلة في ظاهر اللفظ بين المعطوف