ولو فصلت في هذا الكلام بالقسم، فقلت: إذن - والله - أشكرك كان العمل باقياً بحاله، لأن القسم يقع معترضاً في الكلام لتأكيده، ففصله كلا فصل؛ وهذا كفصله في الكلام في مواضع كثيرة، دخوله فيها كخروجه، كقولك في المبتدأ وخبره: زيدٌ - والله - قائمٌ، وفي الفعل وفاعله: قام - والله زيدٌ، وفي الصفة والموصوف: مررت برجلٍ - والله - كريمٍ، إلى غير ذلك من مواضع، فصل فيها بالقسم، فكان فصله غير معتدٍ به كما اعتد بفصل غيره.
ومثال الاعتماد المبطل لعملها قولك: أنا إذن أشكرك، ترفع الفعل وتلغي "إذن" لاعتماد الفعل على المبتدأ الذي هو قولك: أنا، فوقعت "إذن" على هذا متوسطةً لا مبتدأ بها، وتوسطها يلغيها؛ وهي في عوامل الأفعال كـ "ظننت" وبابها في عوامل الأسماء، تعمل إذا تمكنت من المعمول، وتلغى إذا عرض لها عارضٌ يضعفها؛ ومعلومٌ أن عوامل الأسماء أقوى، وعوامل الأفعال أضعف، وتلك تلغى ويبطل عملها إذا توسطت أو تأخرت؛ فما ظنك بهذه؟ فلهذا ألغيت "إذن" إذا (?) اعتمد ما بعدها على ما قبلها، لتوسطها بين ما هو بأن يعني به دونها أولى، وذلك هو المبتدأ الذي وقع صدراً فاقتضى خبراً، إذ لابد له (?) منه.
ومثال إبطال عملها، إذا وقع بعدها فعل الحال، أن يتحدث متحدث بحديث، فتقول أنت: إذن أظنك كاذباً، وأنت مخبرٌ أنك