فصل

ومما عللوا به امتناع تقديم خبر "إن" على اسمها؛ وكذا بقية أخواتها؛ أن المرفوع إذا ولي رافعه وأُضمر استتر فيه وتضمنه الرافع؛ كقولك: زيدٌ قام، والأصل قام هو. فلو ولي "إن" مرفوعها وكان مضمراً للزم - لما ذكرنا من تضمن الرافع مرفوعه المضمر - أن يتضمنه فيكون (?) مضمراً فيها؛ والحروف لا يضمر فيها إنما يضمر في الأفعال والأسماء الجارية مجراها.

وقُسم ذلك تقسيماً فقيل: لو وليها الخبر المرفوع وهو مضمرٌ لم يخل من أن يستتر فيها ويضمر أو يظهر معها، فإن أُضمر فيها لم يجز، إذ الحروف لا يضمر فيها، إنما ذلك حكم اختصت به الأفعال لقوة دلالتها على الفاعلين؛ وكذا ما أجري مجرى الأفعال من الأسماء؛ وإن أُظهر معها كان مخالفةً لأصل الوضع، وهو امتناع ظهور ضمير المرفوع مع الرافع إذا وليه؛ فلما كان تقديم الخبر على الاسم في هذه الحروف يؤدي إلى هذا، أُلزمت تقديم منصوبها إلا أن يكون خبرها ظرفاً، أو ما جرى مجراه كما سبق، فذاك مما اتسع فيه.

وشبه قولهم إن زيداً قائمٌ بقولهم: كان منطلقاً زيدٌ لأن "إن" وأخواتها فروع في العمل على "كان".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015