والآخر من الاثنين الباقيين حرف يرفع وينصب، إلا أنه يشبه بـ "إنّ" تارة لكونه نقيضاً (?) له، فيلزم تقديم منصوبه على مرفوعه، ويشبه تارة بـ "ليس" فيلزم تقديم مرفوعه على منصوبه؛ وحمله على "ليس" حمل نظير على نظيره في المعنى؛ وذلك الحرف هو "لا" النافية.
والمثال في عملها عمل "إن" قولك: لا رجل أفضل منك، وفي عملها عمل ليس قولك: لا رجلٌ قائماً.
وقد قلنا إن حملها على "إن" حمل النقيض على نقيضه؛ وهو كحمل النظير على نظيره، فـ "إنّ" للإيجاب و "لا" للنفي، فهما - كما ترى - نقيضان، فشُبهت بها فأعملت عملها من نصب الأول ورفع خبره وهو الثاني.
ونظير هذا الحمل على النقيض إعرابهم "أياً" وهي متضمنة معنى الحرف؛ وهو همزة الاستفهام مثلاً في قولهم: أيهم في الدار؟ والاسم إذا تضمن معنى الحرف استحق البناء لتعدي حكم الحرف إليه، إلا أنهم أعربوا "أياً" من بين أسماء الاستفهام لأن لها نقيضاً ونظيراً معربين، فالنقيض "كلٌّ" والنظير "بعضٌ".
وكذا حمل بعضهم بناء "كم" الخبرية على أنه حمل لها على "رُب"، إذا كانت كم للتكثير و "رب" للتقليل. وكذا حملوا النقائض في الأبنية والصيغ بعضها على بعض، فاشتركت فيها، ولهذا قالوا: رجلٌ أرسح كما قالوا أستة (?)، وقالوا أفرع، للتام الشعر كما قالوا أقرع، وقالوا