والعوامل من الحروف أربعة أضرب: ضرب يرفع وينصب، وهذا الضرب ثانية أحرف، ستة منها منصوبها متقدم على مرفوعها، وهي: إن، وأن، ولكن، وكأن، وليت، ولعل.
فهذه الستة تدخل على المبتدأ والخبر، فينتصب المبتدأ بها ويسمى اسمًا لها، ويرتفع الخبر بها أيضًا ويسمى خبرًا لها، هذا وهو القول المعمول عليه؛ وليس قول من قال: إن الخبر معها باق على ما كان عليه من الرفع-بعد دخولها-بشيء.
وإنما عملت هذه الحروف هذا العمل دون غيرها من حروف المعاني إلا الأقل، لأنها أشبهت الأفعال شبهًا قويًا، لأن معانيها معاني الأفعال، وألفاظها مقاربة لألفاظها، فـ "إن" و"أن"بمعنى أؤكد، و"لكن" بمعنى أستدرك و "كأن" بمعنى أشبه، وهي مركبة من كاف التشبيه و "أن" التي للتوكيد، ولتركيبها معها حكم في المبالغة صحيح، و "ليت" بمعنى أتنمى؛ و"لعل" بمعنى أترجى وأتوقع.
ولا يتقدم مرفوع هذه الحروف على منصوبها لأنها فيما علل النحويون (?) مشبهة بأفعال قد (?) اتسع فيها بتقديم منصوبها على مرفوعها، فهي فروع على تلك الأفعال المشبهة بها، والفروع تلزم طريقة واحدة، فلا تتصرف تصرف الأصول.
فإن كان الخبر مما لا يظهر فيه الرفع كالجار والمجرور والظرف ساغ تقديمه كقولك: إن في الدار زيدًا وإن أمامك عمرًا، لأن الظروف وما جرى