واختلف الناس في هذه الأفعال الأربعة، فقصرها بعضهم على السماع، ولم يُجز القياس عليها، فلا تقول على قول هؤلاء، وهم الأكثرون، أظننت بكرًا زيدًا قائمًا ولا أوجدت ولا أحسبت، وأجاز بعضهم القياس عليها في الأفعال الباقية؛ فيقول مثلاً: أزعمت محمدًا الحر شديدًا، وأخلت قاسمًا السحاب ممطرًا، وممن منع ذاك أبو عثمان المازني (?) فيما رووا.
فصل
وأما الخبر والتمييز فخاصان لا يعمان كل الأفعال، ألا ترى أنه لا يلزم في كل فعل أن يكون له خبر ككان، وعسى وكاد، اللواتي لهن أخبار، وكذلك التمييز لا يكون في كل فعل؛ والمثال فيه: طاب زيد نفسًا، وتصبب عمرو عرقًا وقررت به عينًا.
وجملة التمييز أنه كلام (?) مفتقر إلى مميز ومميز، فالمميز لفظ مبهم يحتمل أجناسًا كثيرة، فتبينه بأحدها، والمبين (?) به هو المميز ويكون اسمًا مفردًا نكرة منصوبًا كقولك: عندي عشرون درهمًا، ولك مثله رجلاً، وزيد أفضل منك أبًا، وطبت به نفسًا وله خمسة عشر درهمًا.
ألا ترى أن قولك "عشرون"-يحتمل لإبهامه-ما لم تبينه أن يكون من أجناس كثيرة كالدراهم والدنانير والثياب والغلمان، فإذا قلت درهمًا أزلت ذلك الاحتمال ورفعت الاشتراك وأخلصت العشرين لما هي منه، وكذلك بقية الأمثلة.
ولا يخلو المميز من أن يكون منتصبًا عن اسم فيه نون كعشرين، أو تنوين ظاهر كقولك: حسن وجهًا، وفاره عبدًا، أو مقدر كقولك: هو أحسن