لأن هذه الأفعال أفعال متصرفة، والفعل المتصرف يعمل في معموله (?)، متقدمًا عليه ومتأخرًا عنه.

ومفعولا هذه الأفعال كالمفعول الواحد، وتأخر المفعول الثاني عنها كتأخر المفعولين، وهي عاملة فيهما إذا تأخرا، كما بينا.

وبين أن تبني الكلام على الابتداء والخبر، فتغلب حكم الابتداء على الفعل فتلغيه فيرتفعان جميعًا، ويكون الفعل على هذا غير عامل في اللفظ، ولا في الموضع، وإنما يكون داخلاً لمعناه-فقط-من يقينٍ أو شكٍ كقولك: زيد ظننت قائم، أو أن يتأخر عنهما، فتكون أيضًا مخيرًا بين الإلغاء والإعمال، والإلغاء أجود، لتراخي الفعل عن أقوى أماكنه، وهو الصدر، وضعفه لوقوعه آخرًا كالزيادة والنيف، واقتضاء الأول من المفعولين الثاني اقتضاء المبتدأ خبره، فضعف معنى الفعلية في الجملة وقوي معنى الابتداء، فكان (?) الإلغاء أقوى.

وإن شئت أعملت الفعل مع تأخره عنهما كما تعمل غيره من الأفعال المتصرفة في معموله وإن كان الفعل متأخرًا عنه، فقلت: زيدًا قائمًا ظننت كما تقول بكرًا أكرمت وعمرًا ضربت.

فهذا حكم هذه الأفعال في إعمالها وتعليقها وإلغائها في وجهيها من توسط وتأخر.

والقسم الثاني من المتعدي إلى مفعولين، هو كل فعل يتعدى إلى اثنين، الثاني منهما غير الأول، كقولك: أعطيت زيدًا درهمًا، وكسوت عمرًا ثوبًا، أنت في هذا الفعل بالخيار، إن شئت ذكرت معه مفعولاً واحدًا ولم تذكر الآخر، أيهما ذكرت دون الآخر كان لك ذاك، كقولك: أعطيت زيدًا ولا تذكر ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015