فصل

التعجب

التعجب معنى من المعاني التي تعرض في النفوس، ويكون مما خفي سببه، وخرج عن نظرائه، وربما عبروا عن هذا المعنى بعبارة أخرى، فقالوا (?): التعجب يكون مما ندر من الأحكام، ولم تعرف علته، فإن أخل هذا المعنى بأحد الشرطين بطل التعجب، ولهذا قال القائل-وهو قول مستفيض في الناس "إذا عرف السبب بطل العجب" (?).

والمثال في ذلك قول الله سبحانه: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوب* قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيب} [هود: 71 - 72] (?).

لما اجتمع الشرطان للمرأة تعجبت، وهو وجود الولد على الكبر الذي يقع اليأس من الولد في مثله، وهو كبرها وكبر بعلها، وذلك حكم نادر، وجهل السبب وهو قدرة الله وخرق العادات للأنبياء، إذ كان زمن تبوة تخرق في مثله العادات، فأبطل الله عز وجل عجبها بأن أعلمها السبب في الآية الأخرى، وهو قوله: {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: 73] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015