وإن استعملت ساكنة وانفتح ما قبلها وجب أيضاً قبلها ألفاً لأنها متطرفة، ومتنزلة منزلة لام الكلمة، فهي لاتصالها في موضع حرف تجب له الحركة، فكانت تنقلب لانفتاح ما قبلها وكونها في حكم المتحرك ألفاً، وكانت لما ذكرنا تختلف أحوالها وتتغير من صورة إلى صورة، فيكون ذلك إخلالاً.

ولا يقدح فيما عللنا به قلبهم إياها في النداء ألفاً، إذا قلت يا غلاماً، لأن النداء له حكم في التغيير ليس لغيره، فعدلوا لما ذكرناه إلى أن كسروا لها آخر المضاف إليها في كل الأحوال، لتثبت ولا تتغير، فكان الكسر في آخر الاسم المضاف إلى ياء المتكلم حكماً من أحكام البناء عارضاً فيه (?)، بدليل أنه إذا لم يضف هذا الاسم إلى هذه الياء عاد إلى ما يستحقه من الإعراب والتمكن.

وقد كسروا لهذه الياء ما أصله في قياس استعمالهم أن يكون مفتوحاً معها، وهو اللام في قولك لي، وهذه اللام أصلها الفتح؛ وإنما كسرت مع المظهرات فرقاً بينهما وبين لام التوكيد، وهي باقية مع المضمرات على أصلها، إذ كانت المضمرات بابها الرد إلى الأصول، ما خلا هذه الياء التي للمتكلم، فإنها مكسورة معها في قولك لي، للزوم هذا الحكم -أعني كسر ما قبلها- سائر ما تصل بها، ولأنهم إذا كانوا قد غيروا لها آخر الاسم فألزموه طريقة واحدة وعدلوا به عما يقتضيه القياس من إعرابه مع كون ذاك داعياً إلى اختلاله، لعدم الفارق بين معانيه المتعاقبة عليه التي لأجلها تكلف له إعرابه، فلأن يغيروا لها الحرف الذي لا يختل بتغييره معها أولى.

والكسرة في قولك لي غيرها في قولك لزيد على ما يوجبه التدقيق، وإن كان اللفظ واحداً، لأن تلك مجتلبة للفرق، وهذه مجتلبة لأجل الياء لتسلم، لا لمعنى آخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015