لغايتها من إسعاد الأسرة، وإصلاح البيت. وتزكية النشء وأن يسير الرجل لغايته من ولاية الأمر ورياضة العمل وحياطة البلاد، ثم يلتقيان في معاهد العلم ومجامع الأدب.
ولقد كان النساء يخرجن إلى المسجد الجامع في قرطبة وإلى سواه من معاهد العلم
فيجلسن في حلقات للدروس منتقبات محتشمات.
وقد ظهر من النساء عدد لا كفاء له في فنون من العم والأدب. وكان لهن في تلك الحياة العاملة شأن نابه وشأو بعيد، ومنهن الشواعر، والكاتبات، والمحدّثات، والمتفقهات، والمعلمات والمتطببات.
وكان نساء الخلفاء في غنى عن الأطباء بالطبيبات، وعن المعلمين بالمعلمات.
امتدّ عصر المرأة الأندلسية حتى جاوز القرن الرابع إلى بعض ما يليه، وفي خلال ذلك الأمد الطويل كانت مضرب المثل في جلال الخلق وقوة النفس ووفرة العلم والبعد عن هَنات الاجتماع؛ وعلى الرغم من مسايرتها للرجل في طلب العلم والبلوغ في تحصيله لا تجد فيها زهواً ولا غروراً، ولا اندفاعاً فيم ليس من حقها من شئون الحياة، وما أثر عنها في طَوَال ذلك العهد أنها عاقرت النبيذ أو تبذلت في مجالس الرجال كما أثر ذلك عن المرأة العراقية في زهو الدولة العباسية. ذلك لأن الروح العربي والعصبية العربية كانا غالبين على كل مظاهر الحياة في ذلك العهد، حتى لقد احتفظت بطون العرب وعشائرها في تلك البلاد بوحدتها وجامعتها كأنها لم تزل في تهامة ونجد من أرجاء الصحراء، فكانت قيس تقيم في موطن وتميم في آخر وتجيبُ في ثالث، وبين الرجل وعشيرته عقدة جامعة ورباط وثيق.