المراه (صفحة 9)

منها مجبورة على تحمل ظروف مشابهة للظروف المفروضة علينا: إنني أرى اليونان تساعد وتتكون على أساس متين بعد أن فصلت عن الامبراطورية العثمانية، وأرى شعب بلجيكا يفصل عن هولنده بسبب بعض الاختلاف في المبادىء للسياسية الدينية، وأرى، جميع الشعوب الحرة تهتم بالبولونيين وباسترجاع سيادتهم، كما أنني أرى الحكومة الإنكليزية تخلد مجدها بعتق الزنوج، ويضحي البرلمان البريطاني بنصف مليار للمساعدة على ذلك العتق، وعندما أدير البصر إلى بلاد الجزائر، فإنني أرى هؤلاء السكان المساكين يرزحون تحت نبر الاستبداد معرضين للإبادة ولجميع آفات الحرب وتلك المظالم كلها التي ترتكب باسم فرنسا الحرة.

وعلى الرغم من أن عددا كبيرا من الكتاب قد نشروا مؤلفات عن الجزائر فإن معظمههم لم يعالج هذه المسألة إلا من زاوية المنافع المادية في البلاد. هذا بقطع النظر عن الطرق التي اتبعها السادة الولاة للحصول على تلك المنافع.

هذا هو الجانب الذي اهتممت به في كتابي، وأعتقد أن السلطات الفرنسية قد تصرفت بكيفية تتعارض كليا مع المبادىء التحررية ومع الإحسان الذي كان من حقنا أن ننتظره من حكومتها. ولقد شذ السيد بيشون عن قاعدة هؤلاء الكتاب.

إن معرفتي لأنحاء هذا البلد ووضعي الاجتماعي في مدينة الجزائر قد مكنني من تقديم صورة صادقة، كما أنني اعتمدت في ذلك على معرفتي لأحوال الإنسانية بصفة عامة.

إن مسألة الجزائر مسألة خطيرة لأنها تخص حياة أمة بأجمعها، تتكون من عشرة ملايين نسمة، وهي الآن، من سوء الحظ، في نقصان يتزايد من يوم لآخر بسبب الحرب، والبلاد يقودها الظلم والطغيان مند ثلاث سنوات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015