الفرنسيين والأساليب التي استعملوها حتى الآن لم توضع للإغراء. وفي الصفحات المقبلة، عندما أتكلم عن رحلاتي إلى قسنطينة، ومحادثاتي مع باي هذه المقاطعة، سأذكر بعض الملاحطات القيمة التي أبداها الحاج أحمد. ويحق لي أن أذكر بأنني كنت كلما قدم الحاج أحمد حججا، أبذل كل ما في وسعي لإقناعه بالتخلي عن الفكرة التي تكونت لديه، ولقد أردت أن أفهمه بأن ليس للحكومة الفرنسية سوى نوايا حسنة، وأن الآمال التي قام بها بعض القادة والتي يعتبرها ناقصة وتستحق العقاب إنما نصفها مبالغ فيه، والربع لم يؤول تأويلا صحيحا، والباقي، الذي تدينه الأمة الفرنسية، لم تأمر به حكومتها.
ان وصول رسل الشيخ فرحات الذوادي كان سببا في الحادث المفجع الذي وقع لقبيلة العوفية (?). ولقد قدم السيد بيشون (?)، في كتابه، تفصيلا عن تلك الفضيحة التي ستكون صفحة سوداء في تاريخ الشعوب والتي لا يصدق الكثير أنها وقعت في القرن التاسع عشر، عهد الحرية والحضارة الأوربية. منذ ذلك الوقت، أخذ الشيخ فرحات حذره، وصار باي قسنطينة يحترس من الفرنسيين، وكذلك الأمر بالنسبة لجميع القادة الآخرين وللسكان بأكملهم.
إنهم يعتقدون أن عدل الفرنسيين ظاهري فقط. وأن كل قبيلة تحتمي بهم