المراه (صفحة 131)

ولذلك أراد حمودة باشا أن يغتنم تلك الفرصة، فأرسل جيشا هاما إلى قسنطينة حاصرها مدة سبعة عشر يوما. وهوجمت المدينة، بالمدفعية والقنابل، ولكن سكانها أبدوا مقاومة مستميتة إلى أن جاءتهم النجدة من مدينة الجزائر لأنهم كانوا يعرفون حق المعرفة كيف كان تصرفهم في السابق مع تونس ومتأكدين من أن هؤلاء الأخيرين لن يعاملوهم بالحسنى لو انتصروا عليهم.

وبالفعل لم يلبث الآغا أن اقترب على رأس أحد الجيوش وهزم الجيش التونسي، ثم رجع إلى الجزائر ومعه خمسمائة أسير من الونسيين. وكان أحمد باشا عبدا لهواه وقاسيا، فأمر بخنق ذلك الآغا الذي عاد منتصرا واستولى على ثرواته.

وعين بعدها ابن أخيه ليخلف من أقدم على التضحية به؛ ثم نظم جيشا آخر ضد تونس وأرسل مبلغا هاما من المال إلى قسنطينة لسد حاجيات الحرب. عند ذلك قام الأتراك المكونون لحامية قسنطينة بثورة، وقتلوا باي تلك المقاطعة وكذلك الآغا الجديد الذي هو ابن أخ الباشا. ولما رجعوا إلى الجزائر أشعلوا ثورة أخرى فقتل أحمد باشا وجيء بعلي باشا في مكانه (?).

ولم يلبث هذا الباشا الجديد أن سير جيوشا برية وبحرية ضد تونس، ولكنه كان دائما يفشل في خططه، وكانت محاولاته في ذلك الميدان بدون جدوى.

ولكي يكون المشروع صالحا وقابلا للتنفيذ يجب أن يسير كما ينبغي وأن يكون أساسه العدل والإنصاف.

ولقد كان الجزائريون، أثناء غزوتهم الأخيرة لتونس، قد ارتكبوا، كما ذكرنا، أعمالا تعسفية وإجرامية كثيرة بحيث أنها لم تنمح من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015