غيظا من سلوك الجيوش الجزائرية تماما كما يفعل الجزائريون اليوم من سلوك الجيوش الفرنسية.
لم يكن باي تونس إلا شبه ملك؛ وكان باشا الجزائر هو الذي يحكم البلاد والشعب حسب رغبته وكما يحلو له. ولذلك فإن وكيل الجزائر أو القائم بأعمالها، ووكيل قسنطينة التي هي أقرب محطة لإيالة تونس (وقايدان) القراصنة، كانوا يقومون بتجاوزات دون أن يعاقبوا عليها أبدا. وإن كل إنسان يريد التخلي عن سمعته ليجمع المال ويلعب الأدوار، ما علبه إلا أن يقدم الهدايا لأهم الشخصيات في بلاط الجزائر ليعين وكيلا في تونس وبأبسط الأسباب، كان (قايدان) القراصنة يدخل إلى الميناء ويعيث فيه فسادا ولشدة ما كانت تتكرر هذه الإهانات المتعدةة، اغتاظ التونسيون، واشتعلت نيران الفتنة بين الشعبين وعلى الرغم من أن الأشراف الذين يشكلون الأغلبية في الجزائر كانوا دائما يستنكرون مثل ذلك السلوك، فإنهم لم يستطيعوا إصلاح ما وقع من ضرر.
أعتقد أن الأمر سيكون كذلك بالنسبة لجميع الفرنسيين الحقيقيين عندما يطلعون على السلوك الاستبدادي المتبع في الجزائر إزاء جميع سكانها. إنهم سياسيون لتعاستنا، ولقد رأيت منهم من كانوا يبكون عندما يحاطون علما بما نقاسيه من آلام ويحتجون أمام الملأ ضد تلك الأعمال التي لم يكن في استطاعتهم أن يمنعوها.
ولقد استمر هذا الوضع مدة طويلة في تونس، لأن مبدأ هذه التجاوزات يرجع إلى سنة 1791 وهي الفترة التي كان منصب الباي فيها لا يعطى إلا بالمحسوبية كما سبق أن ذكرنا. وبما أن هؤلاء البايات كانوا يعلمون أن حكمهم