عن أبي حنيفة والشافعي، مع أن قول مالك فيها موافق لقول أحمد أو قريب منه .... فهذه غالبها يكون قول مالك وأحمد أرجح من القول الآخر، وما يترجح فيها القول الآخر يكون مما اختلف فيه قول أحمد، وهذا: كإبطال الحيل المسقطة للزكاة والشفعة، ونحو ذلك الحيل المبيحة للربا والفواحش ونحو ذلك، وكاعتبار المقاصد والنيات في العقود، والرجوع في الأيمان إلى سبب اليمين، وما هيجها مع نية الحالف، وكإقامة الحدود على أهل الجنايات، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون يقيمونها، كما كانوا يقيمون الحد على الشارب بالرائحة والقيء ونحو ذلك، وكاعتبار العرف في الشروط، وجعل الشرط العرفي كالشرط اللفظي، والإكتفاء في العقود المطلقة بما يعرفه الناس، وإن ما عده الناس بيعا فهو بيع، وما عدوه إجارة فهو إجارة، وما عدوه هبة فهو هبة، وما عدوه وقفاً فهو وقف، لا يعتبر في ذلك لفظ معين، ومثل هذا كثير" (?).

فأنت تلمس من خلال هذا، أن شيخ الإسلام يفضل المذهبين ويقارب بينهما، لأنهما يعتمدان جميعاً في الأصول الإجتهادية ما يلي:

- الإعتداد بسد الذرائع وإبطال الحيل التي تؤدي إلى هدم مقاصد الشارع.

- الإعتبار للمعاني والمقاصد في العقود وعدم التركيز على الألفاظ المعبرة عنها.

- إعمال السياسة الشرعية في تنفيذ الحدود والزجر عن الجرائم.

- الإعتبار للعرف في الشروط وألفاظ العقود وغير ذلك مما لا يتناقض مع نصوص الشرع.

وقد حُفظ في فتاويه -رَحِمَهُ اللهُ- كلام مطول نحو مائة صفحة تحت عنوان: "صحة أصول أهل المدينة" (?).

وهذه بعض المقتطفات المهمة منه:

"مذهب أهل المدينة النيوية -دار السنة ودار الهجرة ودار النصرة ... - مذهبهم في زمن الصحابة والتابعين، وتابعيهم أصح مذاهب أهل المدائن الإسلامية شرقا وغرباً، في الأصول والفروع ... وفي القرون التي أثنى عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان مذهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015