"الدرعية" سنة 1157 هـ، فوجدها درعاً له وحصناً حصيناً لدعوته، حيث وجد النصرة من أميرها محمد بن سعود، فسار الشيخ والإمام متعاونين على حمل هموم هذه الدعوة وتبعاتها. ومنذ ذلك اليوم دخلت تلك الدعوة في طورها الجديد، طور التنفيذ والجهاد، فوجدت معارضة شديدة من عدد من أمراء بلدان نجد، وعلمائها وأعيانها وأتباعها من العامة، ومع ذلك فقد كتب الله لها النصر والغلبة، وكان الشيخ في ذلك كله لا يفتر يكاتب ويراسل، ويشرح المسائل التي يدعو إليها. فجاهد الشيخ بلسانه وقلمه، وكان إلى جانب ذلك يشارك الإمام محمد بن سعود، ومن بعده ابنه الإمام عبد العزيز بن محمد، بالمشورة الصادقة والنصح الخالص مما تستدعيه أمور الدولة.

ويهذه الجهود الضخمة المتوالية تحولت الدرعية عاصمة للجزيرة العربية، ومثابة ومهاجَراً للبلدان المجاورة، بعدما كانت بالأمس بلدة صغيرة.

وتبع ذلك نهضة دينية وعلمية شاملة، إذ توافد إليها علماء أقطار الجزيرة، وطلابها، وراجت فيها سوق العلم والكتب، وعقدت في جوامعها ومساجدها حلقات الدروس. بالإضافة إلى ذلك فقد صار فيها جيش منظم كامل القوة وافر السلاح، ودانت لها غالب الجزيرة العربية بالطاعة، فما توفي الشيخ (سنة 1206 هـ) حتى أقر الله عينيه بالنجاح الذي كللت به تلك التضحيات، والتمكين الذي جاء من وراء ذلك البلاء (?).

ثم جاءت المواجهة الصعبة مع نائب الدولة العثمانية على مصر، فدارت رحا الحرب على أشدها بين الطرفين، ووإنت أيامها سجالاً، ولكنها آلت في النهاية إلى تغلب الدولة السعودية في المنطقة، وتوحيدها كاملة تحت راية الحق والعدل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015