وأما حفيده عثمان بن أحمد (1064 هـ)، فقد كان أحد أجلّاء علماء الحنابلة بمصر، قاضيًا بالمحكمة الكبرى بالقاهرة، وضع حاشية جليلة على كتاب جده "منتهى الإرادات" (?).
أخذ ابن النجار علم الفقه عن والده، وحفظ كتاب "المقنع" للموفَّق، وغيرَه من المتون، ولازم والده مع الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد البُهُوتي الحنبلي، والشيخ العلامة شهاب الدين أحمد المقدسي.
ثم رحل إلى الشام التي كانت إلى ذلك العهد-أي مطلع القرن العاشر- لا تزال تمد غيرها بمدارسها وشيوخها ومكتباتها الزاخرة العامرة، فأقام بها مدة من الزمان، فحصل فيها علمًا غزيرًا، فلم يرجع من تلك السفرة الموفقة إلا ومعه كتابه الشهير "منتهى الإرادات" الذي صنفه هناك (?).
انتهت رئاسة الفقه الحنبلي إلى ابن النجار بعدما توفي والده (949 هـ) فانفرد بالإفتاء والتدريس بالأقطار المصرية، ثم بعد وفاة الشيخ الشهاب الشويكي (939 هـ) بالمدينة المنورة، وتلميذه العلامة الشيخ موسى الحجاوي (968 هـ) بالشام، انفرد في سائر أقطار الأرض بالتَّصدُّر في الفقه الحنبلي، وقصد بالأسئلة من البلاد الشاسعة كاليمن وغيره (?).
وأثنى على ابن النجار، علمًا وعملًا، علماء عصره الذين عرفوه عن كسب، منهم تلميذه وصديقه العلامة الباحث عبد القادر الجزيري، قال عنه في كتابه "الدرر الفرائد": "كانت أيامه جميعا اشتغالًا بالفتيا أو بالتدريس، أو بالتصنيف .. على غاية من التقشف والتقلل من زينة الدنيا، وبالجملة، فلم يكن من يضاهيه في مذهبه، ولا من يماثله في منصبه، وكان قلمه أحسن من لفظه، وله في تحرير الفتاوى اليد الطولى، والكتابة المقبولة، على الوجه الصحيح الأولى، وكان ربْع فوائده بفضائله وفواضله مأهولًا" (?).