اجتمعت لديه في ذلك العصر من مطولات ومختصرات، ومتون وشروح، ومجردات ومقرونات بأدلتها، ومذهبيات وخلافيات. ومن هنا يظهر لنا قيمة هذا العالم ومنزلته في الفقه الحنبلي، بل في الفقه الإسلامي المقارن، حتى قيل فيه: إنه لا يعلم أحد في زمنه في المذاهب الأربعة له محفوظات أكثر منه (?)، وإن القارئ لكتابه "الفروع" ليجد مصداق هذا الكلام واضحًا جليًا.

- علاء الدين المرداوي (817 - 885 هـ):

يعتبر علاء الدين علي بن سليمان المرداوي، فاتحة المتأخرين من الحنابلة (?)، ورأسهم ورئيسهم، خرج من بلاده مَرْدَا الفلسطينية في سن الشباب، فسكن الخليل بقصد تعلم القرآن، ثم توجه إلى دمشق التي كانت آنذاك - وصالحيتها على وجه أخص- قد حلت محل بغداد في احتضان العلم والعلماء، وكادت تنقطع الرحلة إلا إليها.

تفقه العلاء على الشيخ تقي الدين ابن قندس البعلي، شيخ الحنابلة في وقته، فبرع وفضل في فنون من العلوم، وتدرج حتى انتهت إليه رئاسة المذهب الحنبلي. وصار قوله حجة في المذهب، يعمل به، ويعول عليه في الفتوى والأحكام في جميع مملكة الإسلام (?).

عمل المرداوي في نيابة القضاء مدة طويلة، فكان ذلك تجربة ميدانية لما تعلم من علم، ثم فُتح عليه في التأليف، فألف كتبًا كثيرة (?) , وعلى رأس تلك التأليفات ثلاثة كتب تكون حجر الزاوية، وهي في جملتها وضعت خصيصًا لتصحيح الخلاف، وهي:

- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف.

- التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع.

- الدر المنتقى والجوهر المجموع في معرفة الراجح من الخلاف المطلق في الفروع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015