ومع أنه شرح فيه الخرقي إلا أن الكتاب يعد كتاب المسلمين عامة، يرجع إليه المتخصص وغير التخصص، والحنبلي وغير الحنبلي، فكان بحق فيه الغَناء لمن حازه عالمًا ومتعلمًا.
ثم ألف كتابه (المقنع) الذي صار المتن المقرر للحفظ عند الحنابلة، فرتبه ترتيبًا جديدًا جيدًا، فاق به "مختصر الخرقي"، فعَمَد إليه ابن أخيه أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الجمَّاعيلي، فشرحه، وكانت مادة هذا الشرح: "الشرح الكبير" (?) مأخوذة من "المغني".
ثم ألف كتاب "الكافي"، فجعله واسطة بين "المغني" و"المقنع"، إذ عرض فيه المذهب عرضًا وسطًا بين الإطالة والإختصار.
وعلى وجه العموم، فإن الموفق كان موفقًا في تأليفاته، لا يقلد غيره، بل يتبع أسلوبًا خاصًا به، مما يدل على تمكنه واستقلاليته، وبلوغه درجة الإجتهاد. قال الحافظ ابن رجب: وانتفع بتصانيفه المسلمون عمومًا، وأهل المذهب خصوصًا، وانتشرت واشتهرت بحسن قصده، وإخلاصه في تصنيفه، ولا سيما كتاب "المغني" فإنه عظم النفع به، وأكثر الثناء عليه (?).
وقال ابن بدران: راعى موفق الدين في مؤلفاته أربع طبقات، فصنف "العمدة" للمبتدئين، ثم ألف "المقنع" لمن ارتقى عن درجتهم، ولم يصل إلى درجة المتوسطين، فلذلك جعله عريا عن الدليل والتعليل، غير أنه يذكر الروايات عن الإمام، ليجعل لقارئه مجالًا إلى كدّ ذهنه، ليتمرن على التصحيح، ثم صنف للمتوسطين "الكافي"، وذكر فيه كثيرًا من الأدلة، لتسمو نفس قارئه إلى درجة الإجتهاد في المذهب، حينما يرى الأدلة، وترتفع نفسه إلى مناقشتها، ولم يجعلها قضية مسلَّمة، ثم ألّف "المغني" لمن ارتقى درجة عن المتوسطين، وهناك يطلع قارئه على الروايات، وعلى خلاف