رسمنا الدور الأول من أدوار تاريخ المذهب الحنبلي، بالدور النشأة والتأسيس" للعلم بأن هذا المذهب قد نشأ وتأسس بصورة تدريجية على مدى هذا الدور.
ويتحدد الإطار الزمني لهذا الدور بحياة الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- وحياة أصحابه وتلامذته، إذ إن التأسيس قام على جهود الإمام في التأصيل والتكوين، وجهود أصحابه في الحفظ والتسجيل، وذلك من أواخر القرن الثاني إلى أواخر القرن الثالث.
وأما الإطار المكاني لهذا الدور فهو عاصمة الخلافة الإسلامية، أو مدينة السلام والعلم والعلماء: بغداد، وهذا في الفترة التي كان الإمام أحمد يجلس فيها للفتوى والتعليم، ويرحل الناس إليه، ويسمعون منهء. لكن بعض أصحابه تفرقوا من بعده في الأمصار، ورجعوا إلى بلدانهم التي كانوا قد جاءوا منها، فتوسع بذلك الإطار المكاني حتى طال أصبهان، ومرو، والجزيرة، والشام، وغيرها، حتى إن الخلاَّل (311 هـ) لما جمع علم أحمد بن حنبل تعب كثيرًا في الرحلة إلى بقية هؤلاء الأصحاب المنتشرين في مناطق متعددة.
وينبغي أن ندخل إلى هذا الدور بتحديد مميزاته العامة، من أجل رسم الإطار
الإجتماعي والثقافي والسياسي، الذي سُجلت فيه أعمال التأسيس، وجهود النشأة الأولى. ولكننا اكتفينا بما وضعناه بين يدي القارئ الكريم في المدخل إلى دراسة سيرة الإمام أحمد، ففيه الكفاية فيما نظن.
ثم إن منهج الدراسة يتطلب أن نستعرض حياة الإمام أحمد وجهوده المباركلة أولاً، ونُثني بحياة أصحابه وجهودهم، إلا أننا لما فصلنا سيرة الإمام بفصل مستقل؛ نظرًا لأهميتها، وإن علينا أن نقتصر على دراسة حياة أصحابه من خلال:
1 - الوصف العام لأصحاب الإمام أحمد وتصنيفهم.