الدنيا شيء، وتُقْبلُ عليك وجوه الناس، فقال: دعني، فوالله ما أسافرُ من أجلهم، ولا لما يحصُل منهم، إنما أسافر خدمةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أروي أحاديثه في بلد لا تروى.
قال: ولما علم الله تعالى نيته الصالحة، أقبل بوجوه الناس عليه، وحرك الهمم
للسماع عليه، فاجتمع عليه جماعةٌ ما اجتمعوا بمجلس بدمشق.
قال ابن الجزري: وذلك في مجالس، آخرها في صفر سنة ثلاث وست مئة.
قال ابن الأنماطي: فحدَّث بالمسند بالبلد (يعني دمشق) مرة، وبالجامع المظفري (أي: بالصالحية) أخرى، وازدحم عليه الخلقُ، وسمع منه السلطان الملك المعظم وأقاربه، وأبو عمر الزاهد، وسائر المقادسة، وحدّث عنه الكبار بالمسند، كالشيخ الفقيه ببعلبك (ت: 617 هـ) (?)، وقاضي الحنفية شمس الدين عبد الله بن عطاء (ت: 673 هـ) (?)، والشيخ تقي الدين بن أبي اليسر (ت: 672 هـ) (?)، والشيخ شمس الدين ابن قدامة (ت: 682 هـ) (?)، والشيخ شمس الدين أبي الغنائم ابن علّان (ت: 631 هـ) (?)، والشيخ أبي العباس ابن شيبان (ت: 685 هـ) (?)، والشيخ فخر الدين ابن البخاري (ت: 690 هـ) (?)، والمرأة الصالحة زينب بنت مكِّي (ت: 688 هـ) (?).
وأما من حدَّث عنه ببعض "المسند" فعددٌ كثير، ورجع إلى وطنه، فمرّ على حلب، فحدَّث بالمسند بها، ثم بالمَوْصل، فحدث بالمسند بها أيضًا ويإربل، ودخل إلى بغداد بخيرٍ كثير.
فتوفي بالرصافة في نصف المحرَّم سنة (604 هـ) عن نحو ثلاث وتسعين سنة -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- (?).