من كتب الأصحاب يحتاج إلى معرفة الناقلين عنه، فإن بعضهم تارة يذكرهم بكناهم، ويعضهم يذكرهم بألقابهم، ويعضهم يذكرهم بأسمائهم. وهم أيضاً متفاوتون في المنزلة عند الإمام أحمد - رضي الله عنه -، والنقل عنه والضبط والحفظ" (?).

وينبغي أن نعلم أن كلمة "فقه" الواردة في مثل هذه المواطن تعني أوسع من مدلولها الإصطلاحي المستقر. فكتب "المسائل" هي عبارة عن دواوين لفقه الدين بمعناه الواسع، فنجد فيها الفقه والاعقاد والتفسير والأصول والزهد ومناحي من الفنون لا تحصى كثرة، يتجلى لنا ذلك في أعمال أبي بكر الخلال (ت 311 هـ). فقد قال عنه ابن الجوزي: "صرت عنايته إلى جمع علوم أحمد بن حنبل، وسافر لأجلها، وكتبها عالية ونازلة، وصنفها كتباً، منها كتاب "الجامع" نحو من مائتي جزء, ولم يقارب أحد من أصحاب أحمد في ذلك" (?).

وهو يعد في الطبقة الثانية من الأصحاب، فلذلك يعتبر متلقياً لعلم الإمام أحمد بواسطة أصحابه، فيكون هو جامع شتات تلك "المسائل" من مدونيها، كما يدل عليه عنوان كتابه الكبير. قال الذهبي:

"وجمع أبو بكر الخلال سائر ما عند هؤلاء من أقوال أحمد وفتاويه وكلامه في العلل والرجال والسنة والفروع حتى حصل عنده من ذلك ما لا يوصف كثرة" (?). ثم قال:

"وألف كتاب "الجامع" في بضعة عشر مجلدة أو أكثر، وقد قال في كتاب "أخلاف أحمد بن حنبل": لم يكن أحدٌ علمتُ عُنِيَ بمسائل أبي عبد الله قط، ما عُنيت بها أنا".

وقد طبع من هذه المسائل:

رواية ابنيه صالح وعبد الله، وأبي داود السجستاني صاحب "السنن"، وإسحاق ابن هانئ، وعبد الله البغوي المشهور بابن بنت منيع، وإسحاق بن منصور الكوسج، ومسائله ممزوجة بمسائل إسحاق بن راهويه، حقق منه: الطهارة، والصلاة، والصيام، والمعاملات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015