يقول د. صلاح الدين المنجد: "تنبَّه العرب إلى فكرة القومية في أوائل هذا القرن بعد أن مضى على موتها في أوروبا فترة طويلة بتأثير الغرب"1.
ومما يذكره الباحثون عن القوميات الأوروبية وسبب ظهورها أنَّ البدايات الأولى لظهور القوميات هناك.
كان أثر النزعات التي احتدمت بين رجال الدين الكنسيّ والملوك حول الأحقية بالسيطرة والأمر والنهي, هل هم الملوك فقط, أم رجال الدين فقط, وكاد أن يتمّ الحل بينهم على أن تكون السلطة الأمنية للملوك, والسلطة الروحية للبابوات, إلّا أنَّ الأمور انحدرت إلى هاوية سحيقة كانت هي ثالثة الأثافي, وهو النزاع الشرس الذي نشب بين رجال الدين أنفسهم, وما وقع بين الكنائس من عداوات خرجت تبعاعًا عن الكنيسة الأمّ في روما, وتعصَّبت كل كنيسة لآرائها: كاثوليك, بروتوستانت, إصلاحيات ... إلخ, وانفلت الأمر وصار الحبل على الغارب, فقام كل فريق بتكوين نفسه ومذهبه, فانتشرت المذاهب والأفكار ومنها قيام القوميات2 على ذلك النحو, وأخذ النزاع طابعًا قوميًّا.