وقد أمضى هذا البيان جون ديوي وآخرون من كبار دعاة الإنسانية.

وعلى حسب ما تقدَّم فإن الإنسانية في جوهرها العام هي دعوة للإنسان إلى أن يعيش حياته ابن يومه مهما صادفته من الأمور التي يرضاها والتي لا يرضاها, قوي الأمل صامدًا في مواجهة الأخطار, جاعلًا نصب عينيه أن يعيش حياته المادية بكلِّ ما يجده, ضاربًا بالقوانين التي تحدُّ من ارتكاب الشهوات جانبًا, وأن لا ينظر إلى الأمور الروحية الغيبية, ولا يتأثر بما يقال له من أنه سيحاسب على كل أعماله الدنيوية أمام الله تعالى, فليس لك إلّا ما تمتعت به قبل موتك, فلا بعث ولا حساب ولا جزاء في مفاهيم دعاة الإنسانية, وهم حينما يقررون هذا الكلام نقول لهم: بكل تأكيد أنهم يغالطون أنفسهم, وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم في فراغ, وأن الأمر جد, ولا يمكن أن تكون الحياة كذلك, قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} 1.

وهم متأكدون أن حياتهم هذه لا تختلف عن حياة سائر البهائم, ولولا الظلم وحب العلوِّ لرجعوا إلى الحق, ولنظروا إلى ما هم فيه بأنه عبث وفوضى, ولا تقرها العقول ولا الفطرة السليمة, ولكنه العناد والاستهتار والبغي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015