وَرَجُلًا آخَرَ مَعَهُمَا أَوْ يَمْلِكُ رَجُلَيْنِ سِوَاهَا فِي الْعِتْقِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ أَنْ يُعْتِقَ، فَقَالَ: لَا عِتْقَ لَهُمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا جَمِيعًا عَلَى الْعِتْقِ، لِأَنَّ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لِصَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ هِيَ مِنْهُمَا فَإِنْ وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا فَقَدْ انْتَقَضَ الْأَمْرُ الَّذِي جُعِلَ لَهُمَا.
فِي الرَّجُلِ يَدْعُو عَبْدًا لَهُ بِاسْمِهِ لِيُعْتِقَهُ فَيُجِيبَهُ غَيْرُهُ فَيَقُولَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَعَا عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: نَاصِحٌ، فَأَجَابَهُ مَرْزُوقٌ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ نَاصِحٌ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؟
قَالَ: يُعْتَقَانِ عَلَيْهِ جَمِيعًا يُعْتَقُ مَرْزُوقٌ بِمَا شَهِدَ لَهُ وَيُعْتَقُ نَاصِحٌ بِمَا أَقَرَّ لَهُ مِمَّا نَوَى، وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ إلَّا نَاصِحٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ إلَّا الَّذِي أَرَادَ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ الَّذِي وَاجَهَهُ بِالْعِتْقِ.
فَقَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي رَجُلٍ دَعَا عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: نَاصِحٌ فَأَجَابَهُ مَرْزُوقٌ فَقَالَ: أَنْتَ حُرٌّ، فَقَالَ: أَرَاهُ حُرًّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِبَادِ وَلَا أَرَى لِنَاصِحٍ عِتْقًا إلَّا أَنْ يَحْدُثَ لَهُ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ دَعَاهُ لِيُعْتِقَهُ فَلَمْ يُعْتِقْهُ وَعَتَقَ غَيْرُهُ وَهُوَ يَظُنُّهُ هُوَ فَرُزِقَ هَذَا وَحُرِمَ هَذَا
فِي الْعَبْدِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا: إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَمْسِ فَهُوَ حُرٌّ، وَيَقُولُ الْآخَرُ: إنْ كَانَ دَخَلَ فَهُوَ حُرٌّ وَلَا يُوقِنَانِ أَدَخَلَ أَمْ لَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَمْسِ فَهُوَ حُرٌّ، وَهُوَ لَا يَسْتَيْقِنُ دُخُولَهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: إنْ كَانَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَمْسِ فَهُوَ حُرٌّ، وَلَا يَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهُ؟
قَالَ: إنْ كَانَا يَدَّعِيَانِ عِلْمَ مَا حَلَفَا عَلَيْهِ دِينَا لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَا لَا يَدَّعِيَانِ عِلْمَ مَا حَلَفَا عَلَيْهِ وَيَدَّعِيَانِ أَنَّهُمَا مَا حَلَفَا عَلَى الظَّنِّ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْلِكَاهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّهُمَا مَا لَا يَنْبَغِي لَهُمَا أَنْ يَسْتَرِقَّاهُ بِالشَّكِّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى الْعِتْقِ بِالْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا، قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: يُجْبَرَانِ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ يُفَرَّقُ بِالشَّكِّ وَلَا يُجْمَعُ بِالشَّكِّ.
فِي عِتْقِ السِّهَامِ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَشَرَةَ أَعْبُدٍ وَلَهُ سِتُّونَ مَمْلُوكًا قَالَ مَالِكٌ: يُعْتَقُ مِنْهُمْ سُدُسُهُمْ بِالسَّهْمِ.
قُلْتُ: فَإِنْ مَاتُوا كُلُّهُمْ إلَّا عَشَرَةَ أَعْبُدٍ؟ قَالَ: إذَا مَاتُوا كُلُّهُمْ