المدونه (صفحة 882)

عَبْدُ الْمَلِكِ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُفْسَخُ فِي الْبُيُوعِ وَالنِّكَاحِ مِمَّا لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَثْبُتَا عَلَيْهِ إذَا شَاءَا أَوْ أَحَدُهُمَا قِيلَ لَهُ: فَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ إنَّمَا يُرَدُّ بِالْعُيُوبِ الَّتِي لَوْ شَاءَ صَاحِبُهَا أَقَامَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَرُدَّ، قَالَ: إذَنْ يَمْضِي عَلَى جِهَةِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الرَّادَّ لَهَا كَانَ لَوْ شَاءَ أَقَامَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ الرَّدُّ بِوَاجِبٍ لَازِمٍ يَغْلِبَانِ عَلَيْهِ جَمِيعًا.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا فَوَطِئَهَا ثُمَّ بَاعَ إحْدَاهُمَا وَبَقِيَتْ الْأُخْرَى عِنْدَهُ فَاشْتَرَى الَّتِي بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَ الَّتِي بَقِيَتْ عِنْدَهُ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَطَأَ أَيَّتَهُمَا شَاءَ؟

قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَطَأَ إلَّا الَّتِي بَقِيَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَ أُخْتَهَا، وَإِنَّمَا مَنَعْنَاهُ مِنْ أَنْ يَطَأَ هَذِهِ الَّتِي اشْتَرَى لِأَنَّ أُخْتَهَا فِي مِلْكِهِ وَقَدْ وَطِئَهَا أَيْضًا، فَلَمَّا أَخْرَجَ أُخْتَهَا مِنْ مِلْكِهِ صَارَتْ لَهُ حَلَالًا أَنْ يَطَأَهَا وَقَدْ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى وَطْئِهَا، فَلَمَّا اشْتَرَى أُخْتَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْمُشْتَرَاةَ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَةَ فِي مِلْكِهِ كَانَتْ لَهُ حَلَالًا قَبْلَ أَنْ تَرْتَجِعَ أُخْتُهَا وَقَدْ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَ أُخْتَهَا فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى وَطْئِهِ إيَّاهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ عِنْدِي أُخْتَانِ فَوَطِئْتُهُمَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ إحْدَاهُمَا فَلَمْ أَطَأْ الْبَاقِيَةَ الَّتِي لَمْ أُزَوِّجْهَا حَتَّى طَلَّقَ الزَّوْجُ أُخْتَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؟

قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ يُقِيمُ عَلَى وَطْءِ هَذِهِ الَّتِي لَمْ يُزَوِّجْهَا وَإِنْ كَانَ زَوْجُ الْأُخْرَى قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ فَرْجَهَا قَدْ كَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ حِينَ زَوَّجَهَا وَبَقِيَتْ أُخْتُهَا عِنْدَهُ حَلَالًا.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَانْظُرْ أَبَدًا فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ أُخْتَانِ، أَوْ جَارِيَةٌ وَعَمَّتُهَا أَوْ جَارِيَةٌ وَخَالَتُهَا فَوَطِئَ وَاحِدَةً فَإِنَّ الْأُخْرَى لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَحْرُمَ فَرْجُ هَذِهِ، فَإِنْ وَطِئَ الْأُخْرَى قَبْلَ أَنْ يُحَرِّمَ الْأُولَى فَلْيُمْسِكْ عَنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، فَإِنْ حَرَّمَ الْأُولَى فَلَا يَطَأُ الْأُخْرَى حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ؛ لِأَنَّ فَرْجَهَا كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ لِلَّتِي كَانَ يَطَأُ قَبْلَهَا، فَلَمَّا حَرَّمَ الْأُولَى قِيلَ لَهُ: لَا تَصُبَّ مَاءَكَ الطَّيِّبَ عَلَى الْمَاءِ الْفَاسِدِ الَّذِي كَانَ الْوَطْءُ بِهِ غَيْرَ جَائِزٍ فَإِنْ حَرَّمَ الْآخِرَةَ الَّتِي وَطِئَ آخِرًا فَلْيَطَأْ الْأُولَى وَلَا يَسْتَبْرِئْهَا؛ لِأَنَّهُ فِيهَا عَلَى وَطْئِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مَاءَهُ الْأَوَّلَ كَانَ صَبَّهُ بِمَا يَجُوزُ لَهُ وَإِنَّمَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ لِمَكَانِ مَا أَدْخَلَ مِنْ الْوَطْءِ الْآخَرِ لِمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِذَا حَرَّمَ الْآخِرَةَ جَازَ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْأُولَى مَكَانَهُ؛ لِأَنَّ مَاءَهُ الْأَوَّلَ كَانَ جَائِزًا لَهُ

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ كَانَ وَطِئَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ بَاعَ إحْدَاهُمَا بَيْعًا فَاسِدًا أَوْ زَوَّجَ إحْدَاهُمَا تَزْوِيجًا فَاسِدًا، أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا، قَالَ: أَمَّا فِي التَّزْوِيجِ إذَا كَانَ التَّزْوِيجُ فَاسِدًا لَا يُقِيمُ عَلَيْهِ عَلَى حَالٍ فَلَا أَرَى أَنْ يَطَأَ الْبَاقِيَةَ الَّتِي عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْعًا فَاسِدًا فَلَا يَطَأُ الَّتِي بَقِيَتْ عِنْدَهُ حَتَّى تَفُوتَ الَّتِي بَاعَ، فَإِذَا فَاتَتْ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا فَلْيَطَأْ الَّتِي عِنْدَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015