قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَهِيَ حَائِضٌ، أَتُجْزِئُهُ هَذِهِ الْحَيْضَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ؟
قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ حَيْضَتِهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي آخِرِ الْحَيْضَةِ لَمْ يُجْزِهِ مِثْلُ الْيَوْمِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَتَتْ عَلَى آخِرِ حَيْضَتِهَا اسْتَقْبَلَتْ حَيْضَةً أُخْرَى، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَاةُ قَدْ حَاضَتْ عِنْدَ بَائِعِهَا فَلَمَّا اشْتَرَاهَا رَأَتْ الدَّمَ عِنْدَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مِنْ حَيْضَتِهَا الَّتِي حَاضَتْهَا عِنْدَ الْبَائِعِ، أَيَكُونُ هَذَا اسْتِبْرَاءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ هَذَا اسْتِبْرَاءً.
قُلْتُ: وَتَدَعُ الصَّلَاةَ، قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَلِمَ لَا تَجْعَلُهُ اسْتِبْرَاءً؟
قَالَ: لَا يَكُونُ الدَّمُ الَّتِي تَرَاهُ اسْتِبْرَاءً حَتَّى يَكُونَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ مِنْ الْأَيَّامِ مَا يُعْلَمُ أَنَّ الدَّمَ الثَّانِي حَيْضٌ، فَإِذَا وَقَعَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ مِنْ الْأَيَّامِ مَا يُعْلِمُ أَنَّ الدَّمَ الثَّانِي حَيْضَةٌ كَانَتْ حَائِضًا قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَرَ هَذَا الدَّمَ الَّذِي يُعْلَمُ أَنَّهُ حَيْضٌ مُسْتَقْبَلٌ إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا، أَتَجْعَلُهُ حَيْضًا وَيُجْزِئُهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ؟
قَالَ: يُسْأَلُ النِّسَاءُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ قُلْنَ إنَّ الدَّمَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُ يَوْمٍ يَكُونُ حَيْضًا كَانَ هَذَا اسْتِبْرَاءً، وَإِلَّا فَلَا أَرَاهُ اسْتِبْرَاءً حَتَّى تُقِيمَ فِي الدَّمِ مَا يُعْرَفُ وَيُسْتَيْقَنُ أَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ لِرَحِمِهَا، وَلَا يَكُونُ هَذَا الدَّمُ اسْتِبْرَاءً إذَا لَمْ أَجْعَلْهُ حَيْضَةً تَامَّةً وَإِنْ كُنْتُ أَمْنَعُهَا مِنْ الصَّلَاةِ.
فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ مِنْ الطُّهْرِ، كَيْفَ يُعْرَفُ عَدَدُ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ حَتَّى يُجْعَلَ الدَّمُ الثَّانِي حَيْضًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ وَالْخَمْسَةُ إذَا طَهُرَتْ فِيهَا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ، إنَّ ذَلِكَ مِنْ الْحَيْضَةِ الْأُولَى.
قَالَ: وَمَا قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ كَذَلِكَ.
قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ امْرَأَةٍ طَلُقَتْ فَقَالَتْ قَدْ حِضْتُ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ؟
قَالَ: يُسْأَلُ النِّسَاءُ، فَإِنْ كُنَّ يَحِضْنَ كَذَلِكَ وَيَطْهُرْنَ صُدِّقْنَ وَإِلَّا فَلَا، وَيُسْأَلُ النِّسَاءُ عَنْ عَدَدِ أَيَّامِ الطُّهْرِ، فَإِنْ قُلْنَ: هَذِهِ الْأَيَّامُ تَكُونُ طُهْرًا فِيمَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ، وَجَاءَ هَذِهِ الْأَمَةَ بَعْدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ مِنْ الدَّمِ مَا يَقُلْنَ النِّسَاءُ: إنَّهُ دَمُ حَيْضَةٍ، وَلَا يَشْكُكْنَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِلَّا فَلَا.
فِي اسْتِبْرَاءِ الْجَارِيَةِ تُبَاعُ ثُمَّ يَسْتَقِيلُهَا الْبَائِعُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَقَبَضْتُهَا، ثُمَّ اسْتَقَالَنِي الْبَائِعُ فَأَقَلْته قَبْلَ أَنْ نَفْتَرِقَ، أَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، لِأَنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَلَمْ يَغِبْ عَلَى الْجَارِيَةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ انْقَلَبْت بِهَا ثُمَّ اسْتَقَالَنِي؟
قَالَ: إنْ كَانَ لَمْ يَكُنْ فِي مِثْلِ مَا غَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي أَنْ تَحِيضَ فِيهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ عِنْدَهُ قَدْرَ مَا يَكُونُ فِي مَبْلَغِ الِاسْتِبْرَاءِ، فَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي مُوَاضَعَةٌ لِأَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَانَتْ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا يَطَأُ