قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ سَافَرَ عَنْهَا، فَلَمَّا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ أَتَتْ امْرَأَتُهُ إلَى السُّلْطَانِ كَيْفَ يَصْنَعُ هَذَا السُّلْطَانُ فِي أَمْرَهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَيَكْتُبُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَيُوقَفُ فِيهِ، فَإِمَّا فَاءَ وَإِمَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَمِمَّا تَعْرِفُ بِهِ فَيْئَتَهُ أَنْ يُكَفِّرَ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْكَفَّارَةِ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ يُونُسُ سَأَلْتُ رَبِيعَةَ هَلْ يُخْرِجُهُ مِنْ الْإِيلَاءِ إنْ قَالَ: أُكَفِّرُ وَهُوَ مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فِي رَأْيِي قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَ ذَلِكَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَسِيرَةُ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَرَفَعَتْ الْمَرْأَةُ أَمْرَهَا إلَى السُّلْطَانِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ عِنْدَ مَالِكٍ حَتَّى يَكْتُبَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَمَا أَخْبَرْتُكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وُقِفَ فِي مَوْضِعِهِ ذَلِكَ فَفَاءَ بِلِسَانِهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْكَفَّارَةِ؟
قَالَ قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْكَفَّارَةِ لَمْ تُعْرَفْ فَيْئَتُهُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وُقِفَ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ مَعَ امْرَأَتِهِ فَفَاءَ بِلِسَانِهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْكَفَّارَةِ؟
قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: وَيُخَيَّرُ الْمَرَّةَ وَالْمَرَّتَيْنِ فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ أَنَا أَفِيءُ وَهِيَ حَائِضٍ؟ قَالَ: يُمَكِّنُهُ السُّلْطَانُ مِنْهَا وَيُمْهِلُهُ حَتَّى تَطْهُرَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَسْجُونَ وَالْمَرِيضَ إذَا رَفَعَتْ الْمَرْأَةُ أَمْرَهَا إلَى السُّلْطَانِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ؟
قَالَ: تُعْرَفُ فَيْئَتُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ كَمَا تُعْرَفُ فَيْئَةُ الْغَائِبِ الَّذِي وَصَفْتُ لَكَ، وَالْمَرِيضُ وَالْمَسْجُونُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْغَائِبِ، فَفَيْئَتُهُ مِثْلُ فَيْئَةِ الْغَائِبِ الَّذِي وَصَفْتُ لَكَ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَابْنُ دِينَارٍ إنْ عَرَضَ لَهُ حَبْسٌ فِي سِجْنٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الْإِصَابَةِ فَلَمَّا حَلَّ أَجَلُهُ قِيلَ لَهُ: أَتَفِيءُ أَوْ تُفَارِقُ، فَإِنْ قَالَ لَا بَلْ أَنَا أَفِيءُ وَلَكِنِّي فِي عُذْرٍ كَمَا تَرَوْنَ، قِيلَ لَهُ فَإِنَّ مِمَّا تَعْرِفُ بِهِ فَيْئَتَكَ أَنْ تُعْتِقَ غُلَامَكَ إنْ كُنْتَ حَلَفْتَ بِعِتْقِ غُلَامٍ بِعَيْنِهِ فَيَسْقُطُ عَنْكَ الْيَمِينُ وَيَكُونُ قَدْ ثَبَتَ لَنَا صِدْقُكَ وَإِنَّمَا فَيْئَتُكَ الَّتِي تَسْأَلُنَا أَنْ نُنْظِرَكَ إلَيْهَا تُوجِبُ عَلَيْكَ عِتْقَ غُلَامِكَ وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُكَ بَعْدَ الْعِتْقِ مِمَّا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْنَثَ فِيهِ إلَّا بِالْفِعْلِ، قَبْلَنَا ذَلِكَ مِنْكَ وَجَعَلْنَا فَيْئَتَكَ فِيهِ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ سَبِيلًا إلَى طَرْحِ الْيَمِينِ عَنْكَ فَتَقُولَ: أَنَا أَحْنَثُ أَوْ أَنَا أَفِيءُ وَلَا يُعْتِقُ فَلَيْسَتْ تِلْكَ فَيْئَةً وَهُوَ قَوْلِ مَالِكٍ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ حَلّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَقَفَتْهُ فَلَمْ يَفِئْ فَطُلِّقَ عَلَيْهِ فَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، أَتَرِثُهُ أَمْ لَا؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى أَنْ تَرِثَهُ، وَأَجْعَلُهُ فَارًّا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ آلَى مِنْهَا وَهُوَ مَرِيضٌ فَحَلَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَقَفَتْهُ، أَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ أَمْ لَا؟
قَالَ: يُطَلِّقُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَفِئْ، فَإِنْ كَانَ فَاءَ وَكَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ فَإِنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ عُذْرًا، وَمِمَّا يَعْلَمُ بِهِ فَيْئَتَهُ إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا: مِثْلُ عِتْقِ رَقَبَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ صَدَقَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ حَلِفٍ بِاَللَّهِ فَإِنَّ فَيْئَتَهُ تُعْرَفُ إذَا سَقَطَتْ عَنْهُ