الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَا لِلْعِتْقِ وَمَا لَهُ يَقُولُ اللَّهُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] فَالْإِطْعَامُ أَحَبُّ إلَيَّ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْطَى الْمَسَاكِينَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ الدَّقِيقَ وَالسَّوِيقَ، أَيُجْزِئُهُ كَمَا تُجْزِئُ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُ السَّوِيقُ وَلَا الدَّقِيقُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَلَا أَرَى أَنْ يُجْزِئَ الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكَفَّارَاتِ، إلَّا أَنِّي أَرَى إنْ أَطْعَمَ فِي الْكَفَّارَاتِ كُلِّهَا الطَّعَامَ مَا خَلَا كَفَّارَةَ الْأَذَى وَكَفَّارَةَ الظِّهَارِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْكَفَّارَاتِ كُلَّهَا إذَا أَعْطَى مِنْ الَّذِي هُوَ عَيْشُهُمْ عِنْدَهُمْ، أَيُجْزِئُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ يُجْزِئُهُمْ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَطْعَمَ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ الْخُبْزَ وَحْدَهُ أَيُجْزِئُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ: يُغَدِّي وَيُعَشِّي وَيَكُونُ مَعَهُ الْإِدَامُ، فَإِذَا أَعْطَى مِنْ الْخُبْزِ مَا يَكُونُ عِدْلَ مَا يَخْرُجُ فِي الْكَفَّارَاتِ مِنْ كَيْلِ الطَّعَامِ أَجْزَأَ عَنْهُ.
قُلْتُ: وَلَا يُجْزِئُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَنْ يُعْطِيَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْكَفَّارَاتِ الْعُرُوضَ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْعُرُوض قِيمَةَ الطَّعَامِ؟
قَالَ: نَعَمْ لَا يُجْزِئُ.
قُلْتُ: وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُعْطِيَ دَرَاهِمَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ قِيمَةَ الطَّعَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا يُجْزِئُ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَطْعَمَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ نِصْفَ مُدٍّ نِصْفَ مُدٍّ حَتَّى أَكْمَلَ سِتِّينَ مُدًّا بِالْهِشَامِيِّ، فَأَعْطَى عِشْرِينَ وَمِائَةَ مِسْكِينٍ أَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ؟
قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا مِنْهُمْ نِصْفَ مُدٍّ نِصْفَ مَدٍّ بِالْهِشَامِيِّ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ بِالْهِشَامِيِّ.
قُلْتُ: وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُعْطِيَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا سِتِّينَ مُدًّا؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا يُجْزِئُ ذَلِكَ عَنْهُ حَتَّى يُعْطِيَ سِتِّينَ مِسْكِينًا مُدًّا مُدًّا.
قُلْتُ: وَإِنَّمَا يَنْظُرُ مَالِكٌ فِي هَذَا إلَى عَدَدِ الْمَسَاكِينِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى الْأَمْدَادِ؟
قَالَ: نَعَمْ، إنَّمَا يَنْظُرُ فِي هَذَا إلَى عَدَدِ الْمَسَاكِينِ، فَإِذَا اسْتَكْمَلَ عَدَدَ الْمَسَاكِينِ وَأَكْمَلَ لَهُمْ مَا يَجِبُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَإِنْ اسْتَكْمَلَ عَدَدَ الْمَسَاكِينِ وَنَقَصَهُمْ مِمَّا يَجِبُ لَهُمْ فِي الْكَفَّارَةِ لَمْ يُجْزِ ذَلِكَ عَنْهُ، وَإِنْ أَعْطَاهُمْ مَا نَقَصَهُمْ مِنْ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ فِي الْكَفَّارَةِ غَيْرَهُمْ مِنْ الْمَسَاكِينِ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ كُلِّهَا فِي فِدْيَةِ الْأَذَى لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَ اثْنَيْ عَشَرَ مِسْكِينًا اثْنَيْ عَشَرَ مُدًّا، وَلَكِنْ يُعْطِي سِتَّةَ مَسَاكِينَ اثْنَيْ عَشَرَ مُدًّا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ بِمُدِّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَكَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ مِسْكِينٍ نِصْفَ مُدٍّ نِصْفَ مُدٍّ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنْ يُعْطِي سِتِّينَ مِسْكِينًا مُدًّا مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ، وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ.
وَقَدْ سُئِلَ الشَّعْبِيُّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، أَيُعْطِي