الْمَسَاكِينِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ؟
قَالَ: إنَّمَا مَحْمَلُ الطَّعَامِ عِنْدَ مَالِكٍ مَحْمَلُ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ لِأَنَّهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ كُلُّهَا، فَكُلُّ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ تُحْمَلُ مَحْمَلًا وَاحِدًا تُجْعَلُ كُلُّهَا قَبْلَ الْجِمَاعِ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَرَأَيْتَ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَبْلَ أَنْ يَتَمَاسَّا فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الطَّعَامِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا؟ قَالَ: نَعَمْ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا.
قَالَ مَسْلَمَةُ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: وَإِنْ أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا ثُمَّ وَطِئَ امْرَأَتَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْإِطْعَامَ وَقَالَهُ اللَّيْثُ.
فِيمَنْ أَخَذَ فِي الصِّيَامِ ثُمَّ مَرِضَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَامَ عَنْ ظِهَارِهِ شَهْرًا ثُمَّ مَرِضَ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَجِدُ رَقَبَةً؟
قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ صَامَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَمَادَى بِهِ مَرَضُهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، أَيَكُونُ مُولِيًا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُظَاهِرِ: إنَّهُ يُوقَفُ وَيُصْنَعُ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْمُولِي إذَا كَانَ مُضَارًّا، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُضَارًّا فَلَا يُوقَفُ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَهَذَا إذَا تَمَادَى بِهِ الْمَرَضُ فَلَيْسَ بِمُضَارٍّ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا تَمَادَى بِهِ الْمَرَضُ فَطَالَ مَرَضُهُ فَاحْتَاجَ إلَى أَهْلِهِ كَيْفَ يَصْنَعُ؟
قَالَ: إذَا تَمَادَى بِهِ الْمَرَضُ انْتَظَرَ حَتَّى إذَا صَحَّ صَامَ إلَّا أَنْ يُصِيبَهُ مَرَضٌ يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَرَضِ لَا يَقْوَى صَاحِبُهُ عَلَى الصِّيَامِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا قَدْ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ وَصَارَ مِنْ أَهْلِ الْإِطْعَامِ، وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا مَرِضَ فَطَالَ مَرَضُهُ وَاحْتَاجَ إلَى أَهْلِهِ فَهُوَ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ وَعَلَيْهِ الْإِطْعَامُ.
فِيمَنْ ظَاهَرَ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا خَادِمٌ أَوْ عَرْضٌ قِيمَتُهُ قِيمَةُ رَقَبَةٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا خَادِمٌ وَاحِدَةٌ، أَيُجْزِئُهُ الصِّيَامُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُهُ الصِّيَامُ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الْعِتْقِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ تَظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا لَمْ يُجْزِهِ الصِّيَامُ أَيْضًا وَهِيَ تُجْزِئُهُ نَفْسُهَا إنْ أَعْتَقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا جَازَ لَهُ وَأَجْزَأَهُ عِتْقُهَا عَنْ الظِّهَارِ الَّذِي كَانَ تَظَاهَرَ مِنْهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ يَمْلِكُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يَشْتَرِي بِهِ رَقَبَةً أَوْ لَهُ دَارٌ يَسْكُنُ بِهِ وَثَمَنُهَا قِيمَةُ رَقَبَةٍ، أَيُجْزِئُهُ الصَّوْمُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ