المدونه (صفحة 792)

أَوَاحِدَةً أَمْ اثْنَتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ فَهِيَ وَاحِدَةٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: اعْتَدِّي اعْتَدِّي، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً وَإِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُسْمِعَهَا؟

قَالَ: أَرَى الْقَوْلَ قَوْلَهُ إنَّهَا وَاحِدَةٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ اعْتَدِّي؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَأَرَى إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهِيَ اثْنَتَانِ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ فِي قَوْلِهِ اعْتَدِّي ثُمَّ اعْتَدِّي أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَهَا أَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ أَمَرَهَا بِالْعِدَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِأَهْلِهِ الْحَقِي بِأَهْلِكِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَنْوِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ فَلَا تَكُونُ طَالِقًا وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَهُوَ مَا نَوَى مِنْ الطَّلَاقِ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا فُلَانَةُ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ يَا فُلَانَةُ الطَّلَاقَ أَتَكُونُ بِقَوْلِهِ هَذَا يَا فُلَانَةُ طَالِقًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: - وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ - إذَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ يَا فُلَانَةُ الطَّلَاقَ فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ فَأَخْطَأَ فَقَالَ: يَا فُلَانَةُ وَنِيَّتُهُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ يَا فُلَانَةُ بِلَفْظِ يَا فُلَانَةُ الطَّلَاقَ، فَلَيْسَتْ بِطَالِقٍ وَإِنَّمَا تَكُون طَالِقًا إذَا أَرَادَ بِلَفْظِهِ أَنْتِ بِمَا أَقُولُ لَكِ مِنْ لَفْظِ فُلَانَةَ طَالِقٌ فَهُوَ طَلَاقٌ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَأَخْطَأَ فَلَفَظَ بِحَرْفٍ لَيْسَ مِنْ حُرُوفِ الطَّلَاقِ، فَلَا تَكُونُ بِهِ طَالِقًا وَإِنَّمَا تَكُونُ بِهِ طَالِقًا إذَا نَوَى بِمَا يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ طَالِقًا فَهِيَ طَالِقٌ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْحَرْفُ لَيْسَ مِنْ حُرُوفِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَقَالَ: يَا فُلَانَةُ مَا أَحْسَنَكِ وَتَعَالَيْ فَأَخْزَاكِ اللَّهُ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا اللَّفْظِ أَنَّكِ بِهِ طَالِقٌ، فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ مَنْ يُفَسِّرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ اُخْرُجِي أَوْ تَقَنَّعِي أَوْ اسْتَتِرِي يُرِيدُ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: أَنْتِ حُرَّةٌ فَقَالَ أَرَدْت الطَّلَاقَ فَأَخْطَأَتْ فَقُلْتُ: أَنْتِ حُرَّةٌ، أَتَكُونُ طَالِقًا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا مِثْلُ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَخْبَرْتُكَ بِهِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِلَفْظَةِ أَنْتِ حُرَّةٌ طَالِقٌ، فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَأَخْطَأَ فَقَالَ أَنْتِ حُرَّةٌ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اُخْرُجِي يَنْوِي ثَلَاثًا أَوْ قَالَ: اُقْعُدِي يُرِيدُ بِذَلِكَ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ؟

قَالَ: فِي قَوْلِ مَالِكٍ إنَّهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهَا كُلِي أَوْ اشْرَبِي يَنْوِي بِذَلِكَ الطَّلَاقَ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً أَيَقَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ كُلُّ كَلَامٍ لَفْظِيٍّ نَوَى بِلَفْظِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ كَمَا نَوَى، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ إذَا أَرَدْت أَنْتَ بِمَا قُلْتُ: طَالِقٌ، وَاَلَّذِي سَمِعْتُ وَاسْتَحْسَنْتُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، فَقَالَ: أَخْزَاكِ اللَّهُ أَوْ لَعَنَكِ اللَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ زَلَّ مِنْ لِسَانِهِ وَخَفِيَ مِنْهُ بِمَا خَرَجَ إلَيْهِ، حَتَّى تَكُونَ نِيَّتُهُ أَنْتِ بِمَا أَقُولُ لَك مِنْ أَخْزَاكِ اللَّهُ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِمَّا أَقُولُ لَكِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015