قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ خَيَّرَهَا فَتَطَاوَلَ الْمَجْلِسُ بِهِمَا يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ عَنْ طُولِ الْمَجْلِسِ إذَا مَلَّكَ امْرَأَتَهُ وَخَيَّرَهَا مَا حَدُّ ذَلِكَ إذًا؟
قَالَ: مَا دَامَا فِي مَجْلِسِهِمَا فَرُبَّمَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ مِثْلَ هَذَا ثُمَّ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ عَنْهُمَا أَوْ يَسْكُتَانِ وَيَخْرُجَانِ فِي الْحَدِيثِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَيَطُولُ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ جُلَّ النَّهَارِ وَهُمَا فِي مَجْلِسِهِمَا مَا لَمْ يَفْتَرِقَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا مَا كَانَ هَكَذَا مِنْ طُولِ الْمَجْلِسِ وَذَهَابِ عَامَّةِ النَّهَارِ فِيهِ وَيُعْلَمُ أَنَّهُمَا قَدْ تَرَكَا ذَلِكَ وَقَدْ خَرَجَا مِمَّا كَانَا فِيهِ إلَى غَيْرِهِ ثُمَّ تُرِيدُ أَنْ تَقْضِيَ فَلَا أَرَى لَهَا قَضَاءً، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هَذَا الَّذِي آخُذُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ بَدَا لِي، أَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِكَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ بَدَا لِي، أَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَامَا مِنْ مَجْلِسِهِمَا ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَ الْمَرْأَةُ شَيْئًا أَوْ يَقْضِيَ هَذَا الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي جَعَلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ إلَيْهِ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ أَوْ لَهَا بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ مَجْلِسِهِمَا؟
قَالَ: كَانَ قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي كَانَ يُفْتِي بِهِ أَنَّهَا إذَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا أَوْ قَامَ الَّذِي جَعَلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ فِي يَدِهِ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَرَى ذَلِكَ لَهُ مَا لَمْ يُوقِفْهُ السُّلْطَانُ أَوْ تُوطَأْ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَعْجَبُ إلَيَّ وَبِهِ آخُذُ وَعَلَيْهِ جُلُّ أَهْلِ الْعِلْمِ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يَقْضِ شَيْئًا حَتَّى قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، أَيُحَالُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَبَيْنَ الْوَطْءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْآخَرِ حَتَّى يُوقَفَ هَذَا الرَّجُلُ فَيَقْضِيَ؟
قَالَ: إنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي جَعَلَ الزَّوْجُ أَمْرَهَا فِي يَدِهِ قَدْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَخَلَا بِهَا، فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا كَانَ قَطْعًا لِمَا كَانَ فِي يَدِ هَذَا الْأَجْنَبِيِّ مِنْ أَمْرِهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ مِنْهَا
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَجْعَلُ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ رَجُلٍ إذَا شَاءَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلَّقَهَا؟
قَالَ: إنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا حَتَّى يَطَأَهَا الزَّوْجُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَطَأْهَا الزَّوْجُ حَتَّى مَرِضَ، فَطَلَّقَهَا الرَّجُلُ مِنْ بَعْدِ مَا مَرَضِ الزَّوْجِ، أَيَلْزَمُ الزَّوْجَ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَهَلْ تَرِثُهُ؟
قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ دَخَلْتِ دَارَ فُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، فَتَدْخُلُهَا وَهُوَ مَرِيضٌ، قَالَ مَالِكٌ: تَرِثُهُ، قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ إنَّمَا هِيَ الَّتِي فَعَلَتْ ذَلِكَ؟
قَالَ: إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَرِثَتْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الَّتِي تَفْتَدِي مِنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِهِ أَنَّ لَهَا الْمِيرَاثَ، فَكَذَلِكَ هَذَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ
قُلْتُ: