المدونه (صفحة 696)

قَالَ: يُفْسَخُ هَذَا النِّكَاحُ وَلَا يُقَرُّ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ قَالَ أَنَا أُفَارِقُ وَاحِدَةً وَأَمْسِكُ الْأُخْرَى، قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ نِكَاحَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَبْلَ صَاحِبَتِهَا.

قُلْتُ: فَإِذَا فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُمَّ مِنْهُمَا؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَكِنَّ هَذَا رَأْيِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُمَّ.

قُلْتُ: وَيَتَزَوَّجُ الْبِنْتَ؟

قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ قِيلَ لَا يَتَزَوَّجُ إلَّا لِلشُّبْهَةِ الَّتِي فِي الْبِنْتِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَابْنَتَهَا فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلِلْأُمِّ زَوْجٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ أَيَكُونُ نِكَاحُ الْبِنْتِ جَائِزًا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ كُلُّ صَفْقَةٍ وَقَعَتْ بِحَلَالٍ وَحَرَامٍ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي الْبُيُوعِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَأَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْبُيُوعِ النِّكَاحُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عُمَرَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ رَفْعَ الْحَدِيثَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً فَدَخَلَ بِهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ ابْنَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَلْيَنْكِحْهَا» . رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَرَبِيعَةَ مِثْلُهُ إلَّا أَنَّ زَيْدًا قَالَ: الْأُمُّ مُبْهَمَةٌ لَيْسَ فِيهَا شَرْطٌ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ.

[الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ يَتَزَوَّجُ ابْنَتَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً، فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَدَخَلَ بِالْبِنْتِ؟

قَالَ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ جَمِيعًا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَكُونُ لِلْأُمِّ صَدَاقٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَخْطِبُ الْبِنْتَ إنْ أَحَبَّ فَأَمَّا الْأُمُّ فَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَإِنْ كَانَ نِكَاحُ الْبِنْتِ حَرَامًا فَإِنَّهُ يَحْمِلُ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِيهِ وَأَنَّ الصَّدَاقَ يَجِبُ فِيهِ وَأَنَّ الْحُدُودَ تُدْفَعُ فِيهِ فَلَا بُدَّ لِلْحُرْمَةِ أَنْ تَقَعَ كَمَا تَقَعُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ بِنْتًا وَتَزَوَّجَ أُمَّهَا بَعْدَهَا فَبَنَى بِالْأُمِّ وَلَمْ يَبْنِ بِالِابْنَةِ؟

قَالَ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنِهِمَا عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا تَحِلُّ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَبَدًا؛ لِأَنَّ الْأُمَّ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَصَارَتْ الرَّبِيبَةُ مُحْرِمَةً عَلَيْهِ أَبَدًا إذْ الْأُمُّ هِيَ مِنْ أُمَّهَاتُ نِسَائِهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى فَإِذَا هِيَ ابْنَتُهَا، قَالَ: نَرَى أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنَتِهَا فَإِنَّهُ نَكَحَهَا عَلَى أُمِّهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسَّ ابْنَتَهَا أُقِرَّتْ عِنْدَهُ أُمُّهَا، فَإِنْ كَانَ مَسَّهَا فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهَا لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا، قَالَ يُونُسُ وَقَالَ رَبِيعَةُ يُمْسِكُ الْأُولَى فَإِنْ دَخَلَ بِابْنَتِهَا فَارَقَهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ هَاتَيْنِ لَا تَصْلُحُ إحْدَاهُمَا مَعَ الْأُخْرَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015