وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْهُ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ ذَلِكَ إنْ أَحَبَّ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْبِسَ مَا بَقِيَ وَيَأْخُذَ ثَمَنَ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْهُ فَذَلِكَ لَهُ، فَالْمَرْأَةُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْبُيُوعِ فِي الدَّارِ وَالْعَبْدِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ: لَيْسَا بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْعَبْدِ أَنْ يَظْعَنَ بِهِ فِي سَفَرِهِ وَيُرْسِلَهُ فِي حَوَائِجِهِ، وَيَطَأُ الْجَارِيَةَ، وَالدَّارُ وَالنَّخْلُ وَالْأَرْضُونَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْهَا الشَّيْءُ التَّافِهُ الَّذِي لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِمَا اُسْتُحِقَّ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْمَرْأَةُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الَّذِي فَسَّرَ لِي مَالِكٌ مِنْ الدُّورِ وَالرَّقِيقِ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْعُرُوض كُلُّهَا؟
قَالَ: نَعَمْ، إنْ كَانَتْ عُرُوضًا لَهَا عَدَدٌ أَوْ رَقِيقًا لَهَا عَدَدٌ فَاسْتُحِقَّ مِنْهَا شَيْءٌ فَحَمَلَهُ مَحْمَلَ الْبُيُوعِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْبُيُوعِ النِّكَاحُ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى صَدَاقٍ مُسَمًّى ثُمَّ زَادَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فِي صَدَاقِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَلَهُ نِصْفُ مَا زَادَهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَهَبَهُ لَهَا تُقَوَّمُ بِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ تُقْبَضْ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً عَلَى أَبِيهَا أَوْ عَلَى ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا أَنْ يُعْتِقَ عَلَيْهَا سَاعَةَ وَقَعَ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُعْتِقُ عَلَيْهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؟
قَالَ: فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ قِيمَتِهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُعْسِرَةً؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ لَا يَرْجِعَ الزَّوْجُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ وَلَا يَرُدُّهُ فِي الرِّقِّ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ وَلَا مَالَ لِلْغَرِيمِ إلَّا عَبْدٌ عِنْدَهُ فَأَعْتَقَ الْغَرِيمُ عَبْدَهُ ذَلِكَ فَعَلِمَ الرَّجُلُ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ فَسَكَتَ فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ يَرُدُّهُ فِي الرِّقِّ لِمَكَانِ دَيْنِهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَهَذَا فِي الدَّيْنِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَهُوَ حِينَ أَصْدَقَهَا إيَّاهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يُعْتِقُ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ لَمْ أَرُدَّهُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ، وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ فَيَرُدُّ عِتْقَ الْعَبْدِ، فَإِنَّ هَذَا لَهُ أَنْ يَرُدَّ عِتْقَ الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ جُلَسَاءِ مَالِكٍ أَنَّ مَالِكًا اسْتَحْسَنَ أَنْ لَا يَرْجِعَ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ، وَأَحَبُّ قَوْلِهِ إلَيَّ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ.
فِي صَدَاقِ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ يُسْلِمْنَ وَيَأْبَى أَزْوَاجُهُنَّ الْإِسْلَامَ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّة وَالْمَجُوسِيَّةِ تُسْلِمُ وَيَأْبَى زَوْجُهَا الْإِسْلَامَ وَقَدْ أَصْدَقَهَا صَدَاقًا بَعْضُهُ مُقَدَّمٌ وَبَعْضُهُ مُؤَخَّرٌ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا إنَّ صَدَاقَهَا يُدْفَعُ إلَيْهَا