فَلَمَّا كَانَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَوْ بِمَلَلٍ أَوْ الرَّوْحَاءِ لَمْ تُحْرِمْ بَعْدُ، هَلَكَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَأَرَادَتْ الرُّجُوعَ، كَيْفَ يَصْنَعُ الْكَرِيُّ بِكِرَائِهَا أَيَلْزَمُ الْمَرْأَةَ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَيَكُونُ لَهَا أَنْ تُكْرِيَ الْإِبِلَ فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَتْهَا أَمْ يَكُونُ لَهَا أَنْ تُفَاسِخَ الْجَمَّالَ وَيَلْزَمُهَا مِنْ الْكِرَاءِ قَدْرُ مَا رَكِبَتْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ مَاذَا يَكُونُ عَلَيْهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى الْكِرَاءَ قَدْ لَزِمَهَا، فَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَحْرَمَتْ نَفَذَتْ وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُحْرِمْ وَكَانَتْ قَرِيبَةً رَجَعَتْ وَاكْتَرَتْ مَا اكْتَرَتْ فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَتْهُ وَتَرْجِعُ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هَلَكَ زَوْجُهَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَقَدْ أَحْرَمَتْ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَتَرْجِعُ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَحْرَمَتْ لَمْ تَرْجِعْ.
فِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ وَسُكْنَاهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُطَلَّقَةَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَيَلْزَمُهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: السُّكْنَى تَلْزَمُهُ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ فَأَمَّا النَّفَقَةُ فَلَا تَلْزَمُ الزَّوْجَ فِي الْمَبْتُوتَةِ ثَلَاثًا، كَانَ طَلَاقُهُ إيَّاهَا أَوْ صُلْحًا إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَتَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ، وَالنَّفَقَةُ لَازِمَةٌ لِلزَّوْجِ فِي كُلِّ طَلَاقٍ يَمْلِكُ فِيهِ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ حَامِلًا كَانَتْ امْرَأَتُهُ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ؛ لِأَنَّهَا تُعَدُّ امْرَأَتُهُ عَلَى حَالِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَقَالَ مَالِكٌ: وَكُلُّ نِكَاحٍ كَانَ حَرَامًا نُكِحَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ مِثْلَ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةٍ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ عَلَيْهِ نَفَقَتَهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَتَعْتَدُّ حَيْثُ كَانَتْ تَسْكُنُ.
قُلْتُ: فَهَلْ يَكُونُ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ السُّكْنَى وَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ ذَلِكَ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: تَعْتَدُّ حَيْثُ كَانَتْ تَسْكُنُ، فَفِي قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا أَنَّ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا السُّكْنَى؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: تَعْتَدُّ حَيْثُ كَانَتْ تَسْكُنُ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ فَسَبِيلُهَا فِي الْعِدَّةِ سَبِيلُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلْتُمْ السُّكْنَى لِلْمَبْتُوتَةِ وَأَبْطَلْتُمْ النَّفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ؟
قَالَ: كَذَلِكَ جَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَخْبَرَنَا ذَلِكَ مَالِكٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْمَبْتُوتَةُ لَا نَفَقَةَ لَهَا» سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ» .
فِي سُكْنَى الَّتِي لَمْ يُبْنَ بِهَا وَسُكْنَى النَّصْرَانِيَّةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّصْرَانِيَّةَ تَحْتَ الْمُسْلِمِ هَلْ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا إذَا طَلَّقَهَا السُّكْنَى مِثْلَ مَا