المدونه (صفحة 404)

يَبْلُغْنِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ إلَّا يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ يَجْتَهِدُ فِيهِ فِي النَّفْلِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّفَلَ هَلْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ بَعْدَمَا صَارَتْ الْغَنِيمَةُ فِي يَدَيْهِ، أَوْ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَنْفُلَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَغْنَمُوا، يَقُولُ مَنْ جَاءَ بِشَيْءٍ فَلَهُ ثُلُثُهُ أَوْ خُمُسُهُ أَوْ نِصْفُهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ النَّفَلِ أَيَكُونُ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ؟

قَالَ: ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ، لَيْسَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ إلَّا الِاجْتِهَادُ مِنْ الْإِمَامِ قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَلَ فِي مَغَازِيهِ كُلِّهَا، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ نَفَلَ فِي بَعْضِهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَفِيمَا بَعْدَهُ.

قُلْتُ: فَفِي قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْفُلَ الْإِمَامُ فِي الْغَنِيمَةِ بَعْدَمَا صَارَتْ غَنِيمَةً وَصَارَتْ فِي يَدَيْهِ؟

قَالَ: نَعَمْ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْخُمْسِ، كَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ لَا نَفَلَ إلَّا فِي الْخُمْسِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي نَفَلَهُ الْإِمَامُ لِلنَّاسِ أَهُوَ مِنْ الْخُمْسِ أَمْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: النَّفَلُ مِنْ الْخُمْسِ مِثْلَ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قُلْتُ: قَبْلَ أَنْ يَغْنَمُوا أَوْ بَعْدَ أَنْ يَغْنَمُوا أَهُوَ مِنْ الْخَمْسِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: أَمَّا مَا نَفَلَ الْإِمَامُ بَعْدَ الْغَنِيمَةِ مِنْ الْخُمْسِ فَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ، وَأَمَّا مَا نَفَلَ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ فَذَلِكَ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ.

ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُعْفِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ مَكْحُولًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا نَفَلَ مَنْ نَفَلَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْخُمْسِ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ مَالِكٌ وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزِّنَادِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: إنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُعْطَوْنَ النَّفَلَ مِنْ الْخُمْسِ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ، ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ وَغَيْرِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَغَنِمُوا إبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَنَفَلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا. وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ قَالَ: لَا نَفَلَ فِي عَيْنٍ وَلَا فِضَّةٍ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ مِنْ الْأَنْفَال السَّلَبَ وَالْفَرَسَ، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَنْفُلُ بَعْضَ مَنْ كَانَ يَبْعَثُ مِنْ السَّرَايَا فَيُعْطِيهِمْ النَّفَلَ خَاصَّةً لِأَنْفُسِهِمْ سِوَى قَسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ. مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْأَنْفَالِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: الْفَرَسُ مِنْ النَّفَلِ وَالسَّلَبُ مِنْ النَّفَلِ، ثُمَّ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ: الْأَنْفَالُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا هِيَ؟ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُحْرِجَهُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتَدْرُونَ مَا مِثْلِي وَمِثْلُ هَذَا مِثْلُ صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015