المدونه (صفحة 370)

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَلَّدَ هَدْيَهُ فَضَلَّ مِنْهُ وَقَدْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ فَأَصَابَهُ رَجُلٌ وَهُوَ ضَالٌّ فَأَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ فَأَصَابَهُ رَبُّهُ الَّذِي قَلَّدَهُ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، أَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ التَّوْقِيفُ أَمْ لَا؟

قَالَ: يُجْزِئُهُ فِي رَأْيِي، قُلْت: وَلَمْ يُجْزِئُهُ وَهُوَ لَمْ يُوقِفْهُ؟ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَا يُوقِفُ التُّجَّارُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَمَّنْ اشْتَرَاهُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا أَوْقَفَ التُّجَّارُ فَلَيْسَ مِثْلَ هَذَا، لِأَنَّ هَذَا لَا يَرْجِعُ فِي مَالِهِ إنْ أَصَابَهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْحَرَهُ، وَمَا أَوْقَفَ التُّجَّارُ إنْ لَمْ يُصِيبُوا مَنْ يَشْتَرِيهِ رَدُّوهُ فَبَاعُوهُ وَجَازَ ذَلِكَ لَهُمْ فَلَيْسَ تَوْقِيفُ التُّجَّارِ هَذَا مِمَّا يُوجِبُهُ هَدْيًا وَهَذَا قَدْ وَجَبَ هَدْيًا فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا نَحَرَ هَدْيَهُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ أَوْ مُتْعَةٍ أَوْ هَدْيِ قِرَانٍ أَوْ فَوْتِ حَجٍّ أَوْ نُسُكٍ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى، أَيُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَ مَسَاكِينَ أَهْلِ الذِّمَّةِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُطْعِمُ مَسَاكِينَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، قُلْت: فَإِنْ أَطْعَمَ مَسَاكِينَ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْهَا مَا عَلَيْهِ؟

قَالَ: أَرَى إنْ أَطْعَمَ مِنْ جَزَاءِ صَيْدٍ أَوْ فِدْيَةٍ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ فِي رَأْيِي، وَإِنْ كَانَ أَطْعَمَ مِنْ هَدْيٍ غَيْرِ هَذَيْنِ فَهُوَ خَفِيفٌ عِنْدِي، وَلَا أَرَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْقَضَاءَ وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ.

قُلْت: أَرَأَيْت الْمَكْسُورَ الْقَرْنِ هَلْ يَجُوزُ فِي الْهَدْيِ وَالضَّحَايَا عِنْدَ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ قَدْ بَرَأَ، وَإِذَا كَانَ الْقَرْنُ يُدْمِي فَلَا يَصْلُحُ.

قُلْت: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ هَلْ يَجُوزُ الْمَجْرُوحُ وَالدَّبَرُ فِي الْهَدْيِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُ الدَّبَرُ مِنْ الْإِبِلِ فِي الْهَدْيِ وَذَلِكَ فِي الدَّبَرَةِ الْكَبِيرَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَرَى الْمَجْرُوحَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ إذَا كَانَ جُرْحًا كَبِيرًا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَخْطَئُوا فِي ضَحَايَاهُمْ فَذَبَحَ هَؤُلَاءِ ضَحَايَا هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ ضَحَايَا هَؤُلَاءِ، أَنَّهُ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ أُضْحِيَّتَهُ الَّتِي ذَبَحَهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ. قَالَ: وَلَا يُجْزِئُهُمْ مِنْ الضَّحَايَا وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَشْتَرُوا ضَحَايَا فَيُضَحُّوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الرَّجُلِ هَدْيٌ فَأَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ وَيُؤَخِّرَ الْهَدْيَ، وَاذَا كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَهُ وَيُشْعِرَهُ وَيُؤَخِّرَ الْإِحْرَامَ، وَإِنَّمَا يُحْرِمُ عِنْدَمَا يُقَلِّدُهُ وَيُشْعِرُهُ بَعْدَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ.

قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ وَيَجِدُ دَرَاهِمَ أَهُوَ مِمَّنْ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ لِبْسُ الْخُفَّيْنِ وَيَقْطَعُهُمَا مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ؟

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ فَقُلْنَا لَهُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَجَدَ نَعْلَيْنِ فَسَامَ صَاحِبُهُمَا بِهِمَا ثَمَنًا كَثِيرًا؟

قَالَ: أَمَّا مَا يُشْبِهُ ثَمَنَ النِّعَالِ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا فَإِنِّي أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ، وَأَمَّا مَا يَتَفَاحَشُ مِنْ الثَّمَنِ فِي ذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يُسَامَ بِالنَّعْلَيْنِ الثَّمَنُ الْكَثِيرُ، فَإِنِّي لَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ.

قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَنَسِيَ رَكْعَتِي الطَّوَافِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَضَى جَمِيعَ حَجِّهِ أَوْ عُمْرَتَهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ فِي بَلَدِهِ أَوْ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ؟

قَالَ: إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بَعْدَ خُرُوجِهِ، رَأَيْت أَنْ يَرْجِعَ فَيَطُوفَ وَيَرْكَعَ رَكْعَتِي الطَّوَافِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَ: فَإِذَا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ بَعْدَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015