جَاءَ عَنْ بَعْضِ مَنْ مَضَى فِيهِ رُخْصَةٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ رَيِّ فَصِيلِهَا.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ بُعِثَ بِهَدْيٍ تَطَوُّعًا، وَأَمَرْت الَّذِي بُعِثَ بِهِ مَعَهُ إنْ هُوَ عَطِبَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ، فَعَطِبَ فَتَصَدَّقَ بِهِ أَيَضْمَنُهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنِّي لَا أَرَى عَلَى هَذَا ضَمَانًا وَأَرَاهُ قَدْ أَجْزَأَ صَاحِبَهُ، لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ وَإِنَّمَا هَذَا كَأَنَّهُ رَجُلٌ عَطِبَ هَدْيُهُ تَطَوُّعًا فَخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ، فَأَتَى رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ وَجَعَلَ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَلَا يَكُونُ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي خَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَلَا أَرَى عَلَى الَّذِي تَصَدَّقَ بِهِ شَيْئًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْآخَرَ قَدْ خَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ احْتَاجَ إلَى ظَهْرِ هَدْيِهِ كَيْفَ يَصْنَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: إذَا احْتَاجَ إلَى ظَهْرِ الْهَدْيِ رَكِبَهُ، قُلْت: فَإِنْ رَكِبَهُ أَيَنْزِلُ إذَا اسْتَرَاحَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أَرَى عَلَيْهِ النُّزُولَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ارْكَبْهَا وَيْحَك» فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ لَا يَرْكَبَهَا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَيْهَا فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهَا رَكِبَهَا.
قُلْت: أَرَأَيْت إذَا أَطْعَمَ الْأَغْنِيَاءَ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ أَوْ الْفِدْيَةِ أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يَكُون عَلَيْهِ الْبَدَلُ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنْ أَعْطَى زَكَاتَهُ الْأَغْنِيَاءَ وَهُوَ يَعْرِفُهُمْ لَمْ يُجْزِهِ فَكَذَلِكَ هَذَا، قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ؟
قَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَلَكِنِّي أَرَى إذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَأَعْطَى مِنْهُ الْأَغْنِيَاءَ فَلَا أَرَى ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْهُ فِي الزَّكَاةِ وَالْجَزَاءِ وَالْفِدْيَةِ، وَلَا يَضَعُ عَنْهُ خَطَؤُهُ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ لِلْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَمَا يُشْبِهُهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كُنَّا رُفَقَاءَ وَقَدْ سُقْنَا كُلُّنَا الْهَدْيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا قَدْ سَاقَ هَدْيَهُ وَقَلَّدَهُ، فَلَمَّا كَانَ النَّحْرُ وَقَعَ الْخَطَأُ بَيْنَنَا فَنَحَرَ هَدْيِي صَاحِبِي وَنَحَرْت هَدْيَهُ أَيُجْزِئُ عَنَّا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ يُجْزِئُ عِنْدِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ، لِأَنَّ الْهَدْيَ إذَا أُشْعِرَ وَقُلِّدَ فَمَنْ نَحَرَهُ بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ فَهُوَ مُجْزِئٌ عَنْ صَاحِبِهِ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ ضَحَايَا فَأَخْطَئُوا فَنَحَرَ هَذَا أُضْحِيَّةً هَذَا وَنَحَرَ هَذَا أُضْحِيَّةَ هَذَا أَيُجْزِئُ عَنْهُمْ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يُجْزِئُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، قُلْت: فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الضَّحَايَا وَالْهَدْيِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْهَدْيَ إذَا أُشْعِرَ وَقُلِّدَ لَمْ يَرْجِعْ لِصَاحِبِهِ فِي حَالٍ، وَالضَّحَايَا لِصَاحِبِهَا أَنْ يُبْدِلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا.
ُ قُلْت: كَيْفَ يُنْحَرُ الْهَدْيُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ: قِيَامًا، قُلْت: أَمَعْقُولَةٌ أَمْ مَصْفُوفَةٌ يَدَيْهَا؟
قَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ: الشَّأْنُ أَنْ يَنْحَرَ قِيَامًا وَلَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ ذَلِكَ السَّاعَةَ فِي الْمَعْقُولَةِ إنْ امْتَنَعَتْ، وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تُنْحَرَ مَعْقُولَةً إنْ امْتَنَعَتْ. قُلْت: أَفَتُنْحَرُ الْإِبِلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: فَالْبَقَرُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهَا أَتُنْحَرُ أَمْ