الطِّينَ عَنْ الْخُفَّيْنِ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى الْخُفَّيْنِ؟
قَالَ: هَكَذَا قَوْلُهُ.
قُلْتُ: فَهَلْ يُجْزِئُ عِنْدَ مَالِكٍ بَاطِنُ الْخُفِّ مِنْ ظَاهِرِهِ أَوْ ظَاهِرُهُ مِنْ بَاطِنِهِ؟
قَالَ: لَا وَلَكِنْ لَوْ مَسَحَ رَجُلٌ ظَاهِرَهُ ثُمَّ صَلَّى لَمْ أَرَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ إلَّا فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَمْسَحُ ظُهُورَهُمَا وَلَا يَمْسَحُ بُطُونَهُمَا، أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ مَالِكٌ وَأَمَّا فِي الْوَقْتِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ رُعَيْنٍ عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُمْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّهُمَا رَأَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ أَسْفَلَ الْخُفَّيْنِ وَأَعْلَاهُمَا» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ قَالَا: لَا يَمْسَحُ عَلَى غُضُونِ الْخُفَّيْنِ، وَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: يَمْسَحُ أَعْلَاهُمَا وَأَسْفَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْخَرْقِ يَكُونُ فِي الْخُفِّ، قَالَ: إنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَظْهَرُ مِنْهُ الْقَدَمُ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَاحِشًا يَظْهَرُ مِنْهُ الْقَدَمُ فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: فِي الْخُفَّيْنِ يَقْطَعُهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ الْمُحْرِمُ وَغَيْرُهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ بَعْضَ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ قَدْ ظَهَرَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ لَبِسَ خُفَّيْهِ عَلَى طُهْرٍ ثُمَّ أَحْدَثَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْنِ آخَرَيْنِ فَوْقَ خُفَّيْهِ أَيْضًا فَأَحْدَثَ؟
قَالَ: يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ مَالِكٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَلَمْ يَنْزِعْهُمَا: فَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ، قَالَ: فَإِذَا لَبِسَ خُفَّيْنِ عَلَى خُفَّيْنِ وَقَدْ مَسَحَ عَلَى الدَّاخِلَيْنِ فَهُوَ قِيَاسُ الْقَدَمَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّجُلِ يَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟
قَالَ: يَمْسَحُ عَلَى الْأَعْلَى مِنْهُمَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَ يَقُولُ مَالِكٌ فِي الْجَوْرَبَيْنِ يَكُونَانِ عَلَى الرِّجْلِ وَأَسْفَلُهُمَا جِلْدٌ مَخْرُوزٌ وَظَاهِرُهُمَا جِلْدٌ مَخْرُوزٌ أَنَّهُ يُمْسَحُ عَلَيْهِمَا. قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا يُمْسَحُ عَلَيْهِمَا.
قُلْتُ: أَلَيْسَ هَذَا إذَا كَانَ الْجِلْدُ دُونَ الْكَعْبَيْنِ مَا لَمْ يَبْلُغْ بِالْجِلْدِ الْكَعْبَيْنِ؟
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا.
قُلْتُ: فَإِنْ لَبِسَ جُرْمُوقَيْنِ عَلَى خُفَّيْنِ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ؟
قَالَ: أَمَّا فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الْجُرْمُوقَانِ أَسْفَلُهُمَا جِلْدٌ حَتَّى يَبْلُغَا مَوَاضِعَ الْوُضُوءِ مَسَحَ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَسْفَلُهُمَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِمَا وَيَنْزِعُهُمَا وَيَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَوْلُهُ الْآخَرُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا أَصْلًا وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَعْجَبُ إلَيَّ إذَا كَانَ عَلَيْهِمَا جِلْدٌ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ نَزَعَ الْخُفَّيْنِ الْأَعْلَيَيْنِ اللَّذَيْنِ مَسَحَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ مَسَحَ عَلَى الْأَسْفَلِ مَكَانَهُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَكَانَ عَلَى وُضُوئِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ مِثْلُ الَّذِي يَنْزِعُ خُفَّيْهِ يَعْنِي وَقَدْ مَسَحَ عَلَيْهِمَا فَإِنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ مَكَانَهُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَكَانَ عَلَى وُضُوئِهِ فَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ، قَالَ: وَلَيْسَ يَأْخُذُ مَالِكٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي تَأْخِيرِ الْمَسْحِ.