المدونه (صفحة 294)

عَلَيْهِ دَمًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَلِهَذَا رَأَيْتُ عَلَى هَذَا دَمًا وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ وَلَا يُشْبِهُ عِنْدِي الَّذِي جَاءَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ فِي الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ يَعْتَمِرُونَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَالتَّنْعِيمِ، لِأَنَّ ذَلِكَ رُخْصَةٌ لَهُمْ فِي الْعُمْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا مَوَاقِيتَهُمْ، فَأَمَّا مَنْ أَتَى مِنْ بَلَدِهِ فَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُتَعَمِّدًا بِذَلِكَ فَأَرَى عَلَيْهِ الدَّمَ كَانَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَجَامَعَ فَأَفْسَدَ حَجَّهُ، ثُمَّ أَصَابَ بَعْدَ ذَلِكَ الصَّيْدَ وَحَلَقَ مَنْ الْأَذَى وَتَطَيَّبَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ فِي جَمِيعِ مَا يُصِيبُ مِثْلُ مَا يَلْزَمُ الصَّحِيحَ الْحَجُّ، قُلْتُ: فَإِنْ تَأَوَّلَ فَجَهِلَ وَظَنَّ أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ إتْمَامُ مَا أَفْسَدَ لِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْقَضَاءِ وَتَطَيَّبَ وَلَبِسَ وَقَتَلَ الصَّيْدَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ عَامِدًا لِفِعْلِهِ، أَتَرَى أَنَّ الْإِحْرَامَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِهَذَا أَوْ لِكُلِّ شَيْءٍ فَعَلَهُ فِدْيَةٌ؟ قَالَ: عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ مَا عَدَا الصَّيْدَ وَحْدَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ صَيْدٍ جَزَاءً.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ دَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ مُتَعَمِّدًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ لِدُخُولِ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٍ وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ عَصَى وَفَعَلَ مَا لَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّمَا تَرَكْتُ أَنْ أَجْعَلَ عَلَيْهِ أَيْضًا حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً لِدُخُولِهِ هَذَا لِلَّذِي قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، إنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَدْخُلَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ.

قَالَ: وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَدْخُلَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَلَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلَهُ فَعَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ أَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ أَوْ الْجَارِيَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ يُدْخِلُهُمْ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَيُخْرِجُهُمَا إلَى مِنًى وَعَرَفَاتٍ وَهُمَا غَيْرُ مُحْرِمَيْنِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَمِنْ ذَلِكَ الْجَارِيَةُ يُرِيدُ بَيْعَهَا أَيْضًا فَيُدْخِلُهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ أَدْخَلَهُ سَيِّدُهُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَحْرَمَ مَنْ مَكَّةَ، أَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ دَمٌ لِمَا تَرَكَ مَنْ الْمِيقَاتِ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا رَأْيِي.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ النَّصْرَانِيَّ يُسْلِمُ بَعْدَمَا دَخَلَ مَكَّةَ ثُمَّ يَحُجُّ مَنْ عَامِهِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْوَقْتِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ دَمٌ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَيُحْرِمُ بِالْحَجِّ: إنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ الْوَقْتَ، وَالْعَبْدِ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ: إنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَأَحْرَمَ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ الْوَقْتَ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ فَأَعْتَقَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ عَلَى حَجِّهِ الَّذِي كَانَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَ إحْرَامًا سِوَاهُ، وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَلَا يُجْزِئُهُ حَجُّهُ هَذَا الَّذِي أُعْتِقَ فِيهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّبِيَّ يُحْرِمُ بِحَجَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، ثُمَّ احْتَلَمَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَوَقَفَ، أَوْ قَبْلَ عَشِيَّةِ عَرَفَةَ بَعْدَمَا أَحْرَمَ أَيُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يُحْرِمْ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ، ثُمَّ أَحْرَمَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بَعْدَ احْتِلَامِهِ أَوْ احْتَلَمَ قَبْلَ ذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015