اغْتَسَلَ مِنْ حَرٍّ يَجِدُهُ لَا يَنْوِي بِهِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ أَوْ اغْتَسَلَ عَلَى أَيْ وَجْهٍ كَانَ مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، قَالَ: وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ صَلَّى نَافِلَةً فَلَا تُجْزِئُهُ مِنْ فَرِيضَةٍ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ تَوَضَّأَ يُرِيدُ صَلَاةَ نَافِلَةٍ أَوْ قِرَاءَةَ مُصْحَفٍ أَوْ يُرِيدُ بِهِ طُهْرَ صَلَاةٍ فَذَلِكَ يُجْزِئُهُ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْ حَرٍّ يَجِدُهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَنْوِي الْوُضُوءُ لِمَا ذَكَرْتُ لَكَ فَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ وُضُوءٍ لِلصَّلَاةِ وَلَا مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَلَا النَّافِلَةِ وَنَحْوِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَكُونُ الْوُضُوءُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا بِنِيَّةٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ تَوَضَّأَ وَبَقِيَ رِجْلَاهُ فَخَاضَ نَهْرًا أَوْ مَسَحَ بِيَدَيْهِ رِجْلَيْهِ فِي الْمَاءِ إلَّا أَنَّهُ يَنْوِي بِتَخْوِيضِهِ غَسْلَ رِجْلَيْهِ؟
قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ هَذَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ نَهْرًا فَاغْتَسَلَ فِيهِ وَلَا يَعْمَلُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَمْ يُجْزِ ذَلِكَ عَنْهُ حَتَّى يَعْمِدَ بِالْغُسْلِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ وَإِنْ صَلَّى أَرَى أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُطَهِّرُهُ ذَلِكَ حَتَّى يَذْكُرَ غُسْلَهُ مِنْ الْجَنَابَةِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ.
فِي مُرُورِ الْجُنُبِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَمُرَّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ عَابِرَ سَبِيلٍ، قَالَ: وَكَانَ زَيْدٌ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ فِي ذَلِكَ {وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] وَكَانَ يُوَسِّعُ فِي ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُعْجِبنِي أَنْ يَدْخُلَ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ عَابِرَ سَبِيلٍ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَمُرَّ فِيهِ مَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَيَقْعُدَ فِيهِ.
فِي اغْتِسَالِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضَةِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْبِرُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ امْرَأَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ عَلَى أَنْ تَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي النَّصْرَانِيَّةِ تَكُونُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ فَتَحِيضُ فَتَطْهُرُ: إنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضَةِ لِيَطَأَهَا زَوْجُهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَطَأُ امْرَأَتَهُ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ الْحَيْضِ وَأَمَّا الْجَنَابَةُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطَأَهَا وَهِيَ جُنُبٌ.
فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي وَلَا يَذْكُرُ جَنَابَتَهُ قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ وَلَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ إلَى السُّوقِ فَيَرَى الْجَنَابَةَ فِي ثَوْبِهِ وَقَدْ كَانَ صَلَّى قِبَل ذَلِكَ؟
قَالَ: يَنْصَرِفُ مَكَانَهُ فَيَغْتَسِلُ