المدونه (صفحة 2324)

[دِيَةُ الذَّكَرِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْحَشَفَةَ، أَفِيهَا الدِّيَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَطَعَ الذَّكَرَ مِنْ أَصْلِهِ فَفِيهِ الدِّيَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ قُطِعَتْ حَشَفَةُ رَجُلٍ خَطَأً فَأَخَذَ الدِّيَةَ، ثُمَّ قَطَعَ رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ عَسِيبَهُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِيهِ الِاجْتِهَادُ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَطَعَ رَجُلٌ حَشَفَةَ رَجُلٍ خَطَأً، أَيُنْتَظَرُ بِهِ أَمْ لَا يُنْتَظَرُ بِهِ؟

قَالَ: يُنْتَظَرُ بِهِ حَتَّى يَبْرَأَ. قَالَ: لِأَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَا يُقَادُ مِنْ الْجَارِحِ عَمْدًا إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَحَتَّى يُعْرَفَ إلَى مَا صَارَتْ جِرَاحَاتُهُ إلَيْهِ، فَلَا يَعْقِلُ الْخَطَأَ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَحَتَّى يَعْرِفَ إلَى مَا صَارَتْ إلَيْهِ جِرَاحَاتُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَقْطُوعَ حَشَفَتُهُ إنْ قَالَ: لِمَ تَحْبِسُنِي عَنْ أَنْ تَفْرِضَ لِي دِيَتِي مِنْ الْيَوْمِ، وَإِنَّمَا هِيَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، إنْ أَنَا مِتُّ أَوْ عِشْتُ، وَأَنْتَ إنَّمَا تَحْبِسُنِي خَوْفًا مِنْ هَذَا الْقَطْعِ أَنْ تَصِيرَ نَفْسِي فِيهِ؟

قَالَ: لِأَنِّي لَا أَدْرِي إلَى مَا يَئُولُ هَذَا الْقَطْعُ، لَعَلَّ أُنْثَيَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ بَعْضَ جَسَدِهِ سَيَذْهَبُ مِنْ هَذَا الْقَطْعِ، فَلَا أَعْجَلُ حَتَّى أَنْظُرَ إلَى مَا تَصِيرُ إلَيْهِ شَجَّتُهُ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُوضِحَةَ - إنْ طَلَبَ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ دِيَتَهَا وَقَالَ: لَا تَحْبِسْنِي بِهَا - أَنِّي لَا أُعَجِّلُهَا لَهُ حَتَّى أَنْظُرَ إلَى مَا تَصِيرُ شَجَّتُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ - مُوضِحَةً - إنْ قَالَ: عَجِّلْ لِي دِيَةَ مُوَضِّحَتِي، فَإِنْ آلَتْ إلَيَّ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ زِدْتَنِي، وَإِنْ لَمْ تَؤُلْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كُنْتُ قَدْ أَخَذْتُ حَقِّي، إنَّهُ لَا يُعَجَّلُ لَهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ هَذَا. وَإِنَّمَا فِي هَذَا الِاتِّبَاعُ وَالتَّسْلِيمُ لِلْعُلَمَاءِ، أَوْ لَعَلَّهُ أَنْ يَمُوتَ فَتَكُونَ فِيهِ الْقَسَامَةُ. وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَهْلَ الْأَنْدَلُسِ سَأَلُوا مَالِكًا عَنْ اللِّسَانِ إذَا قُطِعَ وَزَعَمُوا أَنَّهُ يَنْبُتُ فَرَأَيْتُ مَالِكًا يُصْغِي إلَى أَنْ لَا تُعَجَّلَ لَهُ فِيهِ حَتَّى يُنْظَرَ إلَى مَا يَصِيرُ إلَيْهِ إذَا كَانَ الْقَطْعُ قَدْ مَنَعَهُ الْكَلَامَ.

قُلْتُ: فِي الدِّيَةِ أَوْ فِي الْقَوَدِ؟

قَالَ: فِي الدِّيَةِ. قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: الْقَوَدُ فِي اللِّسَانِ إنْ كَانَ يُسْتَطَاعُ قَوَدُ ذَلِكَ، وَلَا يُخَافُ مِنْهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ. يُرِيدُ مِثْلَ خَوْفِ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا قَوَدَ فِيهِنَّ لِمَا يُخَافُ فِيهِنَّ، فَإِنْ كَانَ اللِّسَانُ مِمَّا يُخَافُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا قُطِعَ مَنْ طَرَفِ الْحَشَفَةِ، أَيُّ شَيْءٍ فِيهِ، أَبِحِسَابِ الذَّكَرِ أَمْ إنَّمَا يُقَاسُ مِنْ الْحَشَفَةِ، فَيُجْعَلُ عَلَى الْجَانِي بِحِسَابِ مَا يُصِيبُ مَا قَطَعَ مَنْ الْحَشَفَةِ مَنْ الدِّيَةِ؟

قَالَ: إنَّمَا تُقَاسُ الْحَشَفَةُ، فَيُنْظَرُ إلَى مَا قُطِعَ مِنْهَا فَيُقَاسُ، فَمَا نَقَصَ مِنْ الْحَشَفَةِ كَانَ عَلَيْهِ بِحِسَابِ ذَلِكَ مِنْ الدِّيَةِ.

قُلْتُ: وَلَا يُقَاسُ مِنْ أَصْلِ الذَّكَرِ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْيَدَ لَوْ قُطِعَتْ مِنْ الْمَنْكِبِ كَانَ عَقْلُهَا قَدْ تَمَّ، فَإِنْ قُطِعَ مِنْهَا أُنْمُلَةٌ مِنْ الْأَنَامِلِ إنَّمَا هِيَ عَلَى حِسَابِ الْأَصَابِعِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْيَدِ كُلِّهَا وَكَذَلِكَ الْحَشَفَةُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا قُطِعَ مَنْ الْأَنْفِ، مَنْ أَيْنَ يُحْسَبُ إذَا كَانَ مِنْ طَرَفِهِ أَمِنْ أَصْلِهِ أَمْ مِنْ الْمَارِنِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُحْسَبُ بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ مِنْ الْمَارِنِ بِمَنْزِلَةِ الْحَشَفَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015