المدونه (صفحة 2314)

[كِتَابُ الْمُحَارِبِينَ]

َ مَا جَاءَ فِي الْمُحَارِبِينَ قَالَ سَحْنُونٌ: قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ أَهْلَ الذِّمَّةِ وَأَهْلَ الْإِسْلَامِ إذَا حَارَبُوا فَأَخَافُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا وَلَمْ يَقْتُلُوا فَأُخِذُوا، كَيْفَ يَصْنَعُ بِهِمْ الْإِمَامُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ كَانَ الْإِمَامُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ. قَالَ مَالِكٌ: وَرُبَّ مُحَارِبٍ لَا يَقْتُلُ وَهُوَ أَخْوَفُ وَأَعْظَمُ فَسَادًا فِي خَوْفِهِ مِمَّنْ قَتَلَ.

قُلْتُ فَإِنْ أَخَذَهُ الْإِمَامُ وَقَدْ أَخَافَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا وَلَمْ يَقْتُلْ، أَيَكُونُ الْإِمَامُ مُخَيَّرًا فِيهِ يَرَى فِي ذَلِكَ رَأْيَهُ، إنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ وَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُ وَصَلَبَهُ أَمْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا نَصَبَ وَأَخَافَ وَحَارَبَ - وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ - كَانَ الْإِمَامُ مُخَيَّرًا. وَتَأَوَّلَ مَالِكٌ هَذِهِ الْآيَةَ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] سُورَةُ الْمَائِدَةِ قَالَ: فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ الْفَسَادَ مِثْلَ الْقَتْلِ

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ أَخَافَ فَقَطْ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ؟ قَالَ: إنْ أَخَافَ وَنَصَبَ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ فَإِنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ كُلُّ الْمُحَارِبِينَ سَوَاءً. قَالَ مَالِكٌ: مِنْهُمْ مَنْ يَخْرُجُ بِعَصًا أَوْ بِشَيْءٍ فَيُؤْخَذُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ وَلَمْ يُخِفْ السَّبِيلَ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ. قَالَ: فَهَذَا لَوْ أُخِذَ فِيهِ بِأَيْسَرِهِ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ بَأْسًا.

قُلْتُ: وَمَا أَيْسَرُ عِنْدَ مَالِكٍ؟

قَالَ أَيْسَرُهُ وَأَخَفُّهُ أَنْ يُجْلَدَ وَيُنْفَى وَيُسْجَنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نُفِيَ إلَيْهِ.

قُلْتُ: وَإِلَى أَيِّ مَوْضِعٍ يُنْفَى هَذَا الْمُحَارِبُ إلَيْهِ إذَا أُخِذَ بِمِصْرٍ؟ قَالَ: قَدْ نَفَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ مِصْرَ إلَى شَغْبَ. وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَدْ كَانَ يُنْفَى عِنْدَنَا إلَى فَدَكَ أَوْ خَيْبَرَ، وَقَدْ كَانَ لَهُمْ سِجْنٌ يُسْجَنُونَ فِيهِ.

قُلْتُ: وَكَمْ يُسْجَنُ حَيْثُ يُنْفَى؟

قَالَ مَالِكٌ: يُسْجَنُ حَتَّى تُعْرَفَ لَهُ تَوْبَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015