مَنْزِلًا نَزَلَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَ فِيهِ ثَوْبَهُ قُطِعَ فِي رَأْيِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْزِلًا نَزَلَهُ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ.
قُلْتُ: وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى الْمَنَازِلِ وَالْبُيُوتِ وَالدُّورِ، وَهِيَ الْحِرْزُ فَمَنْ سَرَقَ مِنْهَا قُطِعَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: نَعَمْ إنْ غَابَ أَرْبَابُهَا أَوْ حَضَرُوا. قَالَ: وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي جُعِلَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ حِرْزًا لَهَا، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ هُنَاكَ قُطِعَ. وَظُهُورُ الدَّوَابِّ إذَا وُضِعَ عَلَيْهَا الْمَتَاعُ حِرْزٌ لِذَلِكَ الْمَتَاعِ عِنْدَ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ الْقِطَارُ يُقَادُ فَيَأْخُذُ مِنْهُ رَجُلٌ بَعِيرًا فَذَلِكَ حِرْزُهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ احْتَلَّ الْبَعِيرَ فَأَخَذَ مَكَانَهُ، أَيُقْطَعُ أَمْ حَتَّى يُنَحِّيَهُ؟ وَكَيْفَ إنْ كَانَ إنَّمَا نَحَّاهُ قَلِيلًا؟ قَالَ: لَمْ يَحُدَّ لَنَا مَالِكٌ فِي ذَلِكَ حَدًّا إلَّا أَنَّهُ إذَا احْتَلَّهُ عَنْ مَرْبِطِهِ وَسَارَ بِهِ وَصَارَ فِي يَدَيْهِ قُطِعَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّبَّاشَ، مَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي طَرَحَ ثَوْبَهُ فِي الصَّحْرَاءِ؟ قَالَ: لِأَنَّ الْقَبْرَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ.
قُلْتُ أَرَأَيْتَ إذَا طَرَّ مِنْ كُمِّ رَجُلٍ أَوْ مِنْ ثِيَابِهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ دَاخِلِ الْكُمِّ أَوْ مَنْ خَارِجِ الْكُمِّ، أَيُقْطَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقْطَعُ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ أَخْرَجَ مِنْ خُفِّهِ دَرَاهِمَ، أَيُقْطَعُ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّبِيَّ الْحُرَّ إذَا سَرَقَهُ رَجُلٌ، أَيُقْطَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا سَرَقَهُ مِنْ حِرْزِهِ قُطِعَ. قُلْتُ: وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِي هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ سَوَاءٌ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يَسْوَى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ خِرْقَةً لَا تَسْوَى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَفِي نَاحِيَةِ الثَّوْبِ أَوْ الْخِرْقَةِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مَصْرُورَةٌ، أَيَقْطَعُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ سَرَقَ ثَوْبًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّ فِي مِثْلِهِ يُسْتَرْفَعُ الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ قُطِعَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ فِيهِ حِينَ سَرَقَهُ قُطِعَ وَلَا يَنْفَعُهُ جَهَالَتُهُ. وَمَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ مِثْلَهُ لَا يُرْفَعُ فِيهِ الذَّهَبُ وَلَا الْوَرِقُ، مِثْلُ الْخَشَبَةِ وَالْحَجَرِ وَالْعَصَا، فَسَرَقَهُ سَارِقٌ وَفِيهِ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ وَقِيمَةُ الَّذِي سُرِقَ لَيْسَ يُقْطَعُ فِي مِثْلِهِ إلَّا أَنَّ فِيهِ ذَهَبًا كَثِيرًا أَوْ فِضَّةً كَثِيرَةً، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَكُونَ قِيمَةُ الَّذِي سَرَقَ بِعَيْنِهِ سِوَى مَا فِيهِ رُبْعُ دِينَارٍ فَصَاعِدًا
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سَرَقَ عَبْدًا كَبِيرًا أَعْجَمِيًّا، أَيُقْطَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ عَبْدًا كَبِيرًا فَصِيحًا، أَيُقْطَعُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ إذَا سَرَقَهُ؟ قَالَ: لَا يُقْطَعُ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ سَرَقَ نَعْجَةً، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ كَبْشًا أَيَقْطَعُهُ؟ قَالَ: لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا قَدْ اخْتَلَفَتْ.
قُلْتُ: وَلَا يَرَاهُمَا قَدْ اجْتَمَعَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى السَّرِقَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِي الَّذِي سَرَقَ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا قَدْ شَهِدَا أَنَّهُ سَارِقٌ، اجْتَمَعَا فِي ذَلِكَ وَافْتَرَقَا فِي الَّذِي سَرَقَ؟
قَالَ: إذَا افْتَرَقَا فِي الَّذِي سَرَقَ عِنْدَ مَالِكٍ لَمْ أَقْطَعْهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا عَلَى عَمَلِ وَاحِدٍ، وَالسَّرِقَةُ عَمَلٌ مِنْ الْأَعْمَالِ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، فَلَا يُقْطَعُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا يُقْطَعُ.
قُلْتُ: وَهَذَا كُلُّهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.