بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ السَّرِقَةِ قَالَ سَحْنُونٌ: قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى الرَّجُلِ بِالسَّرِقَةِ، أَيَسْأَلُهُمَا الْحَاكِمُ عَنْ السَّرِقَةِ مَا هِيَ وَكَيْفَ هِيَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَمِنْ أَيْنَ أَخَذَهَا وَإِلَى أَيْنَ أَخْرَجَهَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مَالِكًا يَحُدُّ فِي ذَلِكَ حَدًّا، وَلَكِنْ أَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْأَلَهُمَا لِأَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ الْقَوْمِ يَشْهَدُونَ عَلَى الرَّجُلِ بِالزِّنَا فَقَالَ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِمْ، يُرِيدُ بِذَلِكَ كَيْفَ؟ رَأَوْهُ وَكَيْفَ صَنَعَ؟ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَا يُدْرَأُ بِهِ الْحَدُّ عَنْهُ دَرَأَهُ، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى مَسْأَلَتِكَ فِي السَّرِقَةِ، لِأَنَّهُمْ إنْ شَهِدُوا بِالسَّرِقَةِ وَإِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهَا مَا يُقْطَعُ فِي مِثْلِهِ، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ فِي سَرِقَتِهِ أَمْرٌ لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ. وَإِنَّمَا الْقَطْعُ حَدٌّ مِنْ الْحُدُودِ فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَكْشِفَ فِيهِ الشُّهُودَ كَمَا يَكْشِفُهُمْ فِي الزِّنَا
ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ سَرَقَ مَا يَسْوَى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَهُوَ لَا يَسْوَى رُبْعَ دِينَارٍ الْيَوْمَ لِارْتِفَاعِ صَرْفِ الدِّينَارِ، أَيُقْطَعُ فِيهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ، نَعَمْ يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ قِيمَةَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ الْيَوْمَ.
قَالَ مَالِكٌ: «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ» وَأَنَّ عُثْمَانَ قَطَعَ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَأَنَّ عُمَرَ قَوَّمَ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَا يُنْظَرُ إلَى الصَّرْفِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إنْ ارْتَفَعَ الصَّرْفُ أَوْ انْخَفَضَ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى، مَا مَضَتْ بِهِ السُّنَّةُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اتَّضَعَ الصَّرْفُ صَرْفُ الذَّهَبِ فَسَرَقَ رُبْعَ دِينَارٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَهُوَ لَا يَسْوَى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، أَتُقْطَعُ يَدُهُ لِأَنَّهُ رُبْعُ دِينَارٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا